الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وبيت المرأة خير لها ( ق ) أطلقه الأصحاب رحمهم الله ، وهو مراد صاحب المحرر وغيره للأخبار الخاصة في النساء بالنسبة إلى مسجده عليه السلام [ ص: 598 ] وأطلق في عيون المسائل والمستوعب والرعاية وغيرها أن الصلاة بالمسجد الحرام بمائة ألف ومسجد المدينة بخمسين ألفا وبالأقصى نصفه ، لخبر أنس مرفوعا وفيه { صلاة الرجل في بيته بصلاة ، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة ، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة } ولا يصح ، مع أن فيه أن الأقصى بخمسين ألفا والأظهر أن مرادهم غير صلاة النساء في البيوت ، فلا تعارض ، وكذا مضاعفة النفل فيها على غيرها ، كذا قالوا ، وقد تقدم كلامهم ، وكلام غيرهم أن النفل بالبيت أفضل ، للأخبار ومسجد المدينة مراد ، لأنه السبب ، وهذا أظهر ، ويحتمل أن مرادهم أن التفضيل المذكور بالنسبة إلى سائر المساجد ، أو إلى غير البيوت فلم تدخل البيوت فلا تعارض ، وظاهر ما سبق أن صلاة المرأة في أحد المساجد الثلاثة أفضل من مسجد غيرها . وروى أحمد حدثنا هارون أخبرني عبد الله بن وهب ، حدثنا داود بن قيس ، عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي { أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله ، ، إني أحب الصلاة معك ، قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي قال : فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيتها ، والله ، فكانت تصلي فيه ، حتى لقيت الله عز وجل } لم أجد في رجاله طعنا ، وأكثر ما فيه تفرد به داود عن عبد الله ، والمتقدمون حالهم حسن .

                                                                                                          [ ص: 599 ] وأطلق الحنفية والمالكية والشافعية أن صلاة المرأة في بيتها أفضل ، وأطلقوا التفضيل في المساجد .

                                                                                                          وقال به المالكية والشافعية في الفرض والنفل ، وخصه الحنفية بالفرض ، والله أعلم ، وكذا نقل أبو داود أنها بالمسجد الحرام بمائة ألف ، ويتوجه ظاهر كلام جماعة أنها بالمسجد الحرام أفضل من مائة ألف ، إلا مسجد المدينة ، فإنها بالمسجد الحرام أفضل منه ، بأكثر من مائة صلاة وبمسجد المدينة أفضل من ألف في غيره ، وأنها مضاعفة في الأقصى بلا حد ، وقد روى أحمد خبر ميمونة أنها فيه كألف صلاة ، ورواه أبو داود وغيره ، وإسناده حسن .

                                                                                                          وقاله الصرصري في نظمه ، وعن أبي هريرة مرفوعا { صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام } رواه البخاري ومسلم ، وزاد أحمد وأبو داود وابن ماجه والإسناد صحيح من حديث جابر { وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة فيما سواه } ولأحمد حدثنا يونس ، حدثنا حماد يعني ابن زيد ، حدثنا حبيب المعلم ، عن عطاء عن عبد الله بن الزبير ، فذكر مثل خبر أبي هريرة وزاد { وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا } حديث صحيح ، وعن جابر مرفوعا { صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه } رواه ابن ماجه وقال شيخنا : فالمسجد الحرام بمائة ألف وبمسجد المدينة بألف ، وأن الصواب في الأقصى بخمسمائة صلاة ، كذا قال .

                                                                                                          وقاله ابن البنا : [ ص: 600 ] في أن مكة أفضل ، وظاهر كلامهم في المسجد الحرام أنه نفس المسجد ، ومع هذا فالحرم أفضل من الحل ، فالصلاة فيه أفضل ، ولهذا ذكر في المنتقى قصة الحديبية من رواية أحمد والبخاري ، ثم ذكر رواية انفرد بها أحمد ، قال : وفيه { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم ، وهو مضطرب في الحل } وهذه الرواية من رواية ابن إسحاق عن الزهري وابن إسحاق مدلس ، وذكر ابن الجوزي أن الإسراء كان من بيت أم هانئ عند أكثر المفسرين ، قال فعلى هذا : المعنى بالمسجد الحرام والحرم كله مسجد ، ذكر القاضي أبو يعلى وغيره : مرادهم في التسمية لا في الأحكام وقد يتوجه من هذا حصول المضاعفة بالحرم ، كنفس المسجد ، وجزم به صاحب الهدي من أصحابنا ، لا سيما عند من جعله كالمسجد في المرور قدام المصلي وغيره .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية