الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4418 حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا هشيم حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس أن عمر يعني ابن الخطاب رضي الله عنه خطب فقال إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا من بعده وإني خشيت إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنا إذا قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف وايم الله لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله عز وجل لكتبتها

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فكان فيما أنزل عليه آية الرجم ) : بالرفع على أنها اسم كان ، وفيما أنزل خبره .

                                                                      قال النووي : أراد بآية الرجم " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " وهذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه ، وقد وقع نسخ حكم دون اللفظ وقد وقع نسخهما جميعا ، فما نسخ لفظه ليس له حكم القرآن في تحريمه على الجنب ونحو ذلك . وفي ترك الصحابة كتابة هذه الآية دلالة ظاهرة أن المنسوخ لا يكتب في المصحف وفي إعلان عمر رضي الله عنه بالرجم وهو على المنبر وسكوت الصحابة وغيرهم من الحاضرين عن مخالفته بالإنكار دليل على ثبوت الرجم انتهى ( ووعيناها ) : أي حفظناها ( ورجمنا من بعده ) . أي تبعا له صلى الله عليه وسلم . وفيه دلالة على وقوع الإجماع بعده ( أن يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ) : أي في الآية المذكورة التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها .

                                                                      قال النووي : هذا الذي خشيه قد وقع من الخوارج وهذا من كرامات عمر رضي الله [ ص: 77 ] عنه . ويحتمل أنه علم ذلك من جهة النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا كان محصنا ) : أي بالغا عاقلا قد تزوج حرة تزويجا صحيحا وجامعها . قاله الحافظ .

                                                                      وقال في النهاية : أصل الإحصان المنع ، والمرأة تكون محصنة بالإسلام وبالعفاف والحرية وبالتزويج ، يقال أحصنت المرأة فهي محصنة ومحصنة وكذلك الرجل ، والمحصن بالفتح يكون بمعنى الفاعل والمفعول وهو أحد الثلاثة التي جئن نوادر ، يقال أحصن فهو محصن ، وأسهب فهو مسهب ، وألفج فهو ملفج انتهى .

                                                                      وقال في شرح السنة : هو الذي اجتمع فيه أربعة شرائط العقل والبلوغ والحرية والإصابة في النكاح الصحيح ( إذا قامت البينة ) أي شهادة أربعة شهود ذكور بالإجماع ( أو كان حمل ) : استدل بذلك من قال إن المرأة تحد إذا وجدت حاملا ولا زوج لها ولا سيد ولم تذكر شبهة ، وهو مروي عن عمر ومالك وأصحابه قالوا : إذا حملت ولم يعلم لها زوج ولا عرفنا إكراهها لزمها الحد إلا أن تكون غريبة وتدعي أنه من زوج أو سيد .

                                                                      وذهب الجمهور إلى أن مجرد الحبل لا يثبت به الحد بل لا بد من الاعتراف أو البينة ، واستدلوا بالأحاديث الواردة في درء الحدود بالشبهات .

                                                                      قال الشوكاني في النيل : هذا من قول عمر ومثل ذلك لا يثبت به مثل هذا الأمر العظيم الذي يفضي إلى هلاك النفوس ، وكونه قاله في مجمع من الصحابة ولم ينكر عليه لا يستلزم أن يكون إجماعا كما بينا ذلك في غير موضع من هذا الشرح لأن الإنكار في مسائل الاجتهاد غير لازم للمخالف ( أو اعتراف ) : أي الإقرار بالزنا والاستمرار عليه ، وأجمعوا على وجوب الرجم على من اعترف بالزنا وهو محصن يصح إقراره بالحد ، واختلفوا في اشتراط تكرار إقراره أربع مرات .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي مختصرا ومطولا .




                                                                      الخدمات العلمية