الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 591 ] ( وإذا ظهر حدث إمامه ) وكذا كل مفسد في رأي مقتد ( بطلت فيلزم إعادتها ) لتضمنها صلاة المؤتم صحة وفسادا ( كما يلزم الإمام إخبار القوم إذا أمهم وهو محدث أو جنب ) أو فاقد شرط [ ص: 592 ] أو ركن . وهل عليهم إعادتها إن عدلا ، نعم وإلا ندبت ، وقيل لا لفسقه باعترافه ; ولو زعم أنه كافر لم يقبل منه لأن الصلاة دليل الإسلام وأجبر عليه ( بالقدر الممكن ) بلسانه أو ( بكتاب أو رسول على الأصح ) لو معينين وإلا لا يلزمه بحر عن المعراج وصحح في مجمع الفتاوى عدمه مطلقا لكونه عن خطأ معفو عنه ، لكن الشروح مرجحة على الفتاوى .

التالي السابق


( قوله وإذا ظهر حدث إمامه ) أي بشهادة الشهود أنه أحدث وصلى قبل أن يتوضأ أو بإخباره عن نفسه وكان عدلا وإلا ندب كما في النهر عن السراج . مطلب المواضع التي تفسد صلاة الإمام دون المؤتم

( قوله وكذا كل مفسد في رأي مقتد ) أشار إلى أن الحدث ليس بقيد ; فلو قال المصنف كما في النهر : ولو ظهر أن بإمامه ما يمنع صحة الصلاة لكان أولى ، ليشمل ما لو أخل بشرط أو ركن ، وإلى أن العبرة برأي المقتدي حتى لو علم من إمامه ما يعتقد أنه مانع والإمام خلافه أعاد ، وفي عكسه لا إذا كان الإمام لا يعلم ذلك ; ولو اقتدى بآخر فإذا قطرة دم وكل منهما يزعم أنها من صاحبه أعاد المقتدي لفساد صلاته على كل حال كما في النهر عن البزازية ( قوله بطلت ) أي تبين أنها لم تنعقد إن كان الحدث سابقا على تكبيرة الإمام أو مقارنا لتكبيرة المقتدي أو سابقا عليها بعد تكبيرة الإمام . وأما إذا كان متأخرا عن تكبيرة المقتدي فإنها تنعقد أولا ، ثم تبطل عند وجود الحدث ح ( قوله فيلزم إعادتها ) المراد بالإعادة الإتيان بالفرض بقرينة قوله بطلت ، لا المصطلح عليها وهي الإتيان بمثل المؤدي لخلل غير الفساد ( قوله لتضمنها ) أي تضمن صلاة الإمام ، والأولى التصريح به وأشار به إلى حديث { الإمام ضامن } " إذ ليس المراد به الكفالة ، بل التضمن بمعنى أن صلاة الإمام متضمنة لصلاة المقتدي ولذا اشترط عدم مغايرتهما ، فإذا صحت صلاة الإمام صحت صلاة المقتدي إلا لمانع آخر ، وإذا فسدت صلاته فسدت صلاة المقتدي لأنه متى فسد الشيء فسد ما في ضمنه ( قوله وهو محدث إلخ ) أي في اعتقاده ، أما لو كان حدثه ونحوه على اعتقاد المقتدين لا يلزمه الإخبار .

نعم في التتارخانية عن الحجة : ينبغي للإمام أن يحترز عن ملامسة النساء ومواضع الاختلاف ما استطاع ا هـ ( قوله أو فاقد شرط ) عطف عام على خاص . قال في الإمداد : وقيدنا ظهور البطلان بفوات شرط أو ركن إشارة إلى أنه لو طرأ المفسد لا يعيد المقتدي في صلاته ; كما لو ارتد الإمام أو سعى إلى الجمعة بعدما صلى الظهر بجماعة وسعى هو دونهم فسدت صلاته فقط كما في العناية ، وكذا لو عاد إلى سجود التلاوة بعد ما تفرقوا كما سنذكره ا هـ . [ ص: 592 ] قلت : ومثله ما سنذكره في المسائل الاثني عشرية : لو سلم القوم قبل الإمام بعدما قعد قدر التشهد ثم عرض له واحد منها فإنها تبطل صلاته وحده ، وكذا إذا سجد هو للسهو ولم يسجد القوم ثم عرض له ذلك كما في البحر فهذه جملة مسائل تفسد فيها صلاة الإمام مع صحة صلاة المؤتم ، ولا تنتقض القاعدة السابقة بذلك لأن هذا الفساد طارئ على صلاة الإمام بعد فراغ الإمامة ، فلا إمام ولا مؤتم في الحقيقة ، والله أعلم ( قوله وهل عليهم إعادتها إلخ ) أي لو ظهر بطلانها بإخباره ، وهذا تفصيل لقول المصنف فيلزم إعادتها ( قوله وقيل لا لفسقه ) أي وخبر الفاسق غير مقبول في الديانات ، وهو محمول على ما إذا كان عامدا كما يشير إليه قوله باعترافه وقوله في النهر عن البزازية : وإن احتمل أنه قال ذلك تورعا أعادوا .

( قوله لأن الصلاة دليل الإسلام ) أي دليل على أنه كان مسلما وأنه كذب بقوله إنه صلى بهم وهو كافر ، وكان ذلك الكلام منه ردة فيجبر على الإسلام . ولا ينافي ذلك ما مر أول كتاب الصلاة من أنه لا يحكم بإسلامه بالصلاة إلا إذا صلاها في الوقت مقتديا متمما ، بخلاف ما إذا صلاها إماما أو منفردا لأن ذاك في الكافر الأصلي المعلوم كفره ، وما هنا ليس كذلك ، فإن من جهلنا نشهد له بالإسلام إذا استقبل قبلتنا كما في الحديث ، بل بمجرد إلقاء السلام كما في الآية ، ولذا قال لأن الصلاة دليل الإسلام ولم يقل لأنه صار بها مسلما فافهم ( قوله بالقدر الممكن ) متعلق بإخبار ، وقوله على الأصح متعلق بيلزم ( قوله لو معينين ) أي معلومين . وقال ح : وإن تعين بعضهم لزمه إخباره ( قوله وإلا ) أي وإن لم يكونوا معينين كلهم أو بعضهم لا يلزمه ( قوله وصحح في مجمع الفتاوى ) وكذا صححه الزاهدي في القنية والحاوي وقال وإليه أشار أبو يوسف ( قوله مطلقا ) أي سواء كان الفساد مختلفا فيه أو متفقا عليه ، كما في القنية والحاوي فافهم ( قوله لكونه عن خطأ معفو عنه ) أي لأنه لم يتعمد ذلك فصلاته غير صحيحة ويلزمه فعلها ثانيا لعلمه بالمفسد .

وأما صلاتهم فإنها وإن لم تصح أيضا ، لكن لا يلزمهم إعادتها لعدم علمهم ولا يلزمه إخبارهم لعدم تعمده فافهم ( قوله لكن الشروح إلخ ) أي كالمعراج فإنه شرح الهداية ، ونقله في البحر أيضا عن المجتبى شرح القدوري للزاهدي تأمل




الخدمات العلمية