الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4635 4919 - حدثنا آدم، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا". [ انظر:22 - مسلم:183 - فتح: 8 \ 663]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ساق فيه حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا". وهو مختصر من حديث الرؤية، ومتفق على إخراجه، وقد اختلف العلماء في هذا الحديث، فمنهم من توقف عن كشف معناه. ومنهم من أقدم عليه فأولها بالشدة والكرب ; لأنه يستعمل في اللغة على معنى شدة الأمر، كقوله: وقامت الحرب على ساق.

                                                                                                                                                                                                                              وعبر بعضهم عنه بالقيامة وهولها، وبعضهم بأول ساعاتها، وهي أفظعها وأشدها، ومنهم من قال: المراد ما يبرز من أمور القيامة [ ص: 448 ] وشدتها، فترتفع معه شدائد الامتحان، ويؤذن لأهل اليقين والإخلاص في السجود، ويكشف الغطاء عن أهل النفاق، فتعود ظهورهم طبقا لا يستطيعون السجود، ويؤيده حديث أبي موسى "فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله" وعن ابن مسعود "إذا كان يوم القيامة قام الناس لرب العالمين أربعين عاما" فيه: "فعند ذلك يكشف عن ساق ويتجلى لهم. . " الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وقريب منه أن المراد بالساق: النفس. ومنه قول علي حين راجعه أصحابه في قتال الخوارج فقال: والله لأقاتلنهم ولو تلفت ساقي. يريد: نفسه.

                                                                                                                                                                                                                              والمراد: التجلي وكشف الحجب حتى إذا رأوه سجدوا له، ومنهم من قال: المراد: يكشف لهم عن ساق بعض المخلوقين من الملائكة، فيجعل لهم شيئا لبيان ما يشاء من حكمته في أهل الإيمان والنفاق.

                                                                                                                                                                                                                              وقرأها ابن عباس بضم الياء، ورد الحكيم الترمذي على ابن قتيبة حيث قال في "مشكله": المراد بقوله: يوم يكشف عن ساق أي: عن شدة الأمر بحديث ابن مسعود السالف. وأن هذا يوم سرور المؤمنين وقرة عيونهم إذا كشف لهم الغطاء عن معبودهم، وأما في غير هذه الآية فالأمر كما قاله، وأما قوله تعالى: والتفت الساق بالساق

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 449 ] فالمراد: ساق الدنيا أو أمرها أو أعمالها بالآخرة عند الموت. وقيل: يلفان في الأكفان.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( "فيعود ظهره طبقا واحدا" أي: فلا ينثني للسجود رجاء كأن في ظهورهم السفافيد واحتج به بعض من يرى تكليف ما لا يطاق. قال: ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون إلى قوله: وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ورد الداودي بأن الله أمر عباده بالطاعة وجعل فيهم من الاستطاعة ما يطيقون به فعل ما أمروا به وترك ما نهوا عنه، فمن قبله هداه، ومن أباه ختم عليه ومنعه السجود يوم القيامة عقوبة له، لكن مذهب أهل السنة خلاف قوله، قال تعالى: ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به [ البقرة: 286] لكن من قال به اختلف في وقوعه، والمختار المنع. وإذا قلنا بالتكليف به، فهل ورد به شرع أم لا؟ قيل: نعم، كما في قصة أبي لهب.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              والطبق: فقار الظهر، واحدها طبقة. يريد أنه صار فقارهم كأنه كالفقارة الواحدة فلا يقدرون على السجود.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية