الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        453 [ ص: 167 ] ( 14 ) كتاب القبلة

                                                                                                                        [ ص: 168 ] [ ص: 169 ] ( 1 ) باب النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجة .

                                                                                                                        ( 2 ) باب الرخصة في استقبال القبلة لبول أو غائط .

                                                                                                                        428 - ذكر فيه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن رافع بن إسحاق مولى لآل الشفاء ، وكان يقال له : مولى أبي طلحة ، أنه سمع أبا أيوب الأنصاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمصر يقول : والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس ؟ وقد قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إذا ذهب أحدكم الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه " .

                                                                                                                        429 - وعن نافع ، عن رجل من الأنصار ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تستقبل القبلة لغائط أو بول .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        10054 - قد ذكرنا في " التمهيد " ما يجب من القول في إسناد هذا [ ص: 170 ] الحديث والذي قبله ، ومع ذلك فهما حديثان ثابتان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يختلف في ثبوتهما ; لأنهما رويا من وجوه كثيرة صحاح دون علة ، وإنما اختلف الفقهاء في نسخهما أو تخصيصهما على ما نوضحه هنا إن شاء الله .

                                                                                                                        10055 - وفي حديث أبي أيوب من الفقه : استعمال عموم الخطاب على من سمعه في السنة والكتاب ; لأن أبا أيوب سمع النهي عن استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط واستعمل ذلك مطلقا عاما في البيوت وغيرها إذ لم يحضر شيء من ذلك في الحديث .

                                                                                                                        10056 - ألا ترى أن رواية ابن شهاب لهذا الحديث ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها " .

                                                                                                                        10057 - قال أبو أيوب : فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فننحرف ونستغفر الله ، تعالى
                                                                                                                        .

                                                                                                                        10058 - وهذا يجب على كل من بلغه شيء أن يستعمله على عمومه حتى [ ص: 171 ] يثبت عنده ما يختص به أو ينسخه .

                                                                                                                        10059 - واختلف العلماء في هذه المسألة .

                                                                                                                        10060 - قال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، وهو قول أحمد بن حنبل ، وأبي ثور : لا يجوز استقبال القبلة لغائط أو بول في الصحاري ، ولا في البيوت ، ولا في موضع من المواضع .

                                                                                                                        10061 - واحتج أحمد وجماعة منهم بحديث أبي أيوب هذا ، وما كان مثله .

                                                                                                                        10062 - وقالوا : أبو أيوب أعلم بما روى ، وقد رواه معه جماعة من الصحابة منهم : ابن مسعود ، وسهل بن حنيف ، وأبو هريرة ، وسلمان [ ص: 172 ] وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي . كلهم روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن استقبال القبلة ببول أو غائط .

                                                                                                                        10063 - ورد أحمد بن حنبل حديث جابر ، وحديث عائشة الواردين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرخصة في هذا الباب ، وسنذكرهما فيه بعد إن شاء الله .

                                                                                                                        10064 - وقال مالك ، والشافعي ، وأصحابهما ، وهو قول ابن المبارك وإسحاق ابن راهويه : أما في الصحاري فلا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها للغائط ولا البول ، وأما في البيوت فذلك جائز لا بأس به لحديث ابن عمر لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستقبل القبلة . هكذا رواه ابن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه ، عن ابن عمر .




                                                                                                                        الخدمات العلمية