الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فتح الأهواز ومناذر ونهر تيرى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جرير كان في هذه السنة . وقيل : في سنة ست عشرة . ثم روى من طريق سيف عن شيوخه أن الهرمزان كان قد تغلب على هذه الأقاليم . وكان ممن فر يوم القادسية من الفرس ، فجهز أبو موسى من البصرة وعتبة بن غزوان من الكوفة جيشين لقتاله ، فنصرهم الله عليه ، وأخذوا منه ما بين دجلة إلى دجيل وغنموا من جيشه ما أرادوا ، وقتلوا من أرادوا ، ثم صانعهم وطلب مصالحتهم عن بقية بلاده ، فشاورا في ذلك عتبة بن غزوان فصالحه ، وبعث بالأخماس والبشارة إلى عمر ، وبعث وفدا فيهم الأحنف بن قيس ، فأعجب عمر به ، وحظي عنده ، وكتب إلى عتبة يوصيه به ، ويأمره بمشاورته والاستعانة برأيه . ثم نقض الهرمزان العهد والصلح ، واستعان بطائفة من الأكراد ، وغرته نفسه ، وحسن له الشيطان عمله في ذلك ، فبرز إليه المسلمون فنصروا عليه ، وقتلوا من جيشه جما غفيرا ، وخلقا كثيرا ، واستلبوا منه ما بيده [ ص: 52 ] من الأقاليم والبلدان إلى تستر فتحصن بها ، وبعثوا إلى عمر بذلك . وقد قال الأسود بن سريع في ذلك ، وكان صحابيا ، رضي الله عنه :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لعمرك ما أضاع بنو أبينا ولكن حافظوا في من يطيع     أطاعوا ربهم وعصاه قوم أضاعوا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أمره في من يضيع     مجوس لا ينهنهها كتاب فلاقوا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كبة فيها قبوع     وولى الهرمزان على جواد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سريع الشد يثفنه الجميع     وخلى سرة الأهواز كرها
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      غداة الجسر إذ نجم الربيع

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال حرقوص بن زهير السعدي ، وكان صحابيا أيضا :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      غلبنا الهرمزان على بلاد     لها في كل ناحية ذخائر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سواء برهم والبحر فيها     إذا صارت نواحيها بواكر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لها بحر يعج بجانبيه     جعافر لا يزال لها زواخر



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية