الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4470 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يعيرها ثلاث مرار فإن عادت في الرابعة فليجلدها وليبعها بضفير أو بحبل من شعر حدثنا ابن نفيل حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث قال في كل مرة فليضربها كتاب الله ولا يثرب عليها وقال في الرابعة فإن عادت فليضربها كتاب الله ثم ليبعها ولو بحبل من شعر [ ص: 130 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 130 ] ( فليحدها ) : أي الحد الواجب المعروف من صريح الآية : فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ( ولا يعيرها ) : من التعيير ، وهو التوبيخ واللوم والتثريب . قال البيضاوي : كان تأديب الزناة قبل مشروعية الحد التثريب وحده ، فأمرهم بالحد ، ونهاهم عن الاقتصار على التثريب . وقيل المراد به النهي عن التثريب بعد الجلد ، فإنه كفارة لما ارتكبته فلا يجمع عليها العقوبة بالحد والتعيير انتهى .

                                                                      قال النووي : فيه دليل على أن السيد يقيم الحد على عبده وأمته وهذا مذهبنا ومذهب مالك وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم .

                                                                      وقال أبو حنيفة في طائفة ليس له ذلك ، وهذا الحديث صريح في الدلالة للجمهور انتهى .

                                                                      ( ثلاث مرار ) : أي قال صلى الله عليه وسلم قوله إذا زنت إلخ ثلاث مرات ( وليبعها ) : قال النووي : هذا البيع المأمور به مستحب عندنا وعند الجمهور .

                                                                      وقال داود وأهل الظاهر هو واجب ( بضفير أو بحبل من شعر ) شك من الراوي .

                                                                      وفي رواية البخاري ولو بحبل من شعر .

                                                                      قال القسطلاني : قيد بالشعر لأنه كان الأكثر في حبالهم .

                                                                      قال الحافظ : واستشكل الأمر ببيع الرقيق إذا زنى ، مع أن كل مؤمن مأمور أن يرى لأخيه ما يرى لنفسه ، ومن لازم البيع أن يوافق أخاه المؤمن على أن يقتني ما لا يرضى اقتناءه لنفسه . وأجيب بأن السبب الذي باعه لأجله ليس محقق الوقوع عند المشتري لجواز أن يرتدع الرقيق إذا علم أنه متى عاد أخرج ، فإن الإخراج من الوطن المألوف شاق ، ولجواز أن يقع الإعفاف عند المشتري بنفسه أو بغيره .

                                                                      قال ابن العربي : يرجى عند تبديل المحل تبديل الحال . ومن المعلوم أن للمجاورة تأثيرا في الطاعة وفي المعصية انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه وأخرجه البخاري تعليقا .

                                                                      [ ص: 131 ] ( فليضربها كتاب الله ) : وفي رواية للنسائي من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة فليجلدها بكتاب الله والمقصود من هذين اللفظين فليجلدها الحد المذكور في كتاب الله وهو قوله تعالى : فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ( ولا يثرب عليها ) : التثريب التعيير أي لا يجمع عليها العقوبة بالجلد وبالتعيير . وقيل المراد لا يقتنع بالتوبيخ دون الجلد .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي بنحوه وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من حديث محمد بن إسحاق عن سعيد ، وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي من حديث الليث بن سعد عن سعد .




                                                                      الخدمات العلمية