الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6925 ص: حدثنا فهد ، قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني ، قال: أنا محمد بن الفضيل ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة قال: "دخلت مع أبي هريرة دار مروان بن الحكم ، فإذا بتماثيل، فقال: قال رسول الله -عليه السلام-: قال الله -عز وجل-: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي؟! فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، ، أو ليخلقوا شعيرة".

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح.

                                                وابن الأصبهاني شيخ البخاري .

                                                ومحمد بن الفضيل بن غزوان الضبي، روى له الجماعة.

                                                وعمارة بن القعقاع بن شبرمة الضبي، روى له الجماعة.

                                                وأبو زرعة [بن] عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي ، قيل: اسمه هرم، وقيل عبد الله ، وقيل: عبد الرحمن ، وقيل غير ذلك. روى له الجماعة.

                                                وأخرجه البخاري : نا موسى، نا عبد الواحد، نا عمارة، نا أبو زرعة ، قال: "دخلت مع أبي هريرة دارا بالمدينة، فرأى أعلاها مصورا بصور، قال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: قال الله: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؟! فيخلقوا حبة، وليخلقوا ذرة، ثم دعا بتور من ماء فغسل يديه حتى بلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة ، أشيء سمعته من رسول الله -عليه السلام-؟ قال: منتهى الحلية".

                                                وأخرجه مسلم : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو كريب -وألفاظهم متقاربة- قالوا: أنا ابن فضيل ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، [ ص: 463 ] قال: "دخلت مع أبي هريرة دار مروان ، فرأى فيها تصاوير، فقال: سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: قال الله -عز وجل-: ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي؟! فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة".

                                                قوله: "ومن أظلم" أي لا أحد أظلم ممن يذهب يخلق -أي يقدر- لأن معنى الخلق في الأصل: التقدير، ومنه حديث أخت أمية بن أبي الصلت قالت: "فدخل علي وأنا أخلق أديما" أي أقدره لأقطعه، وحاصل المعنى: لا يوجد أحد أكثر ظلما من رجل صور صورة شبيهة بالصورة التي صورها البارئ -عز وجل-؛ لأن هذا أمر مختص به، فمن أراد التشبه بذلك فقد ارتكب أمرا عظيما ومحظورا جسيما.

                                                قوله: "فليخلقوا ذرة" أمر تعجيز كما في قوله -عليه السلام-: "أحيوا ما خلقتم" وفيه أيضا قرع وتبكيت، وتنبيه على أن هذا الصنيع لا يقدر عليه أحد غير الله، وأنه هو الخالق البارئ المصور، القادر على جميع الأشياء من غير مادة وآلة واستعانة بأحد، وإنما عين الذرة لأنها أضعف المخلوقات وأصغرها جدا، فمن عجز عن تخليق هذا، فما فوقه أعجز، وكذلك تعيين الحبة أو الشعيرة، لكونها أقل الأشياء في الجمادات، كما أن الذرة أضعفها في الحيوانات، والمخلوقات مشتملة على هذين القسمين.




                                                الخدمات العلمية