الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4667 [ ص: 550 ] 2 - باب: قوله: ما ودعك ربك وما قلى [ الضحى: 3]

                                                                                                                                                                                                                              تقرأ بالتشديد والتخفيف بمعنى واحد، ما تركك ربك.

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن عباس: ما تركك وما أبغضك.

                                                                                                                                                                                                                              4951 - حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر غندر، حدثنا شعبة، عن الأسود بن قيس، قال: سمعت جندبا البجلي، قالت امرأة: يا رسول الله، ما أرى صاحبك إلا أبطأك. فنزلت ما ودعك ربك وما قلى . [ انظر:1124 - مسلم:1797 - فتح: 8 \ 711]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساقه أيضا قالت امرأة: يا رسول الله، ما أرى صاحبك إلا أبطأ عنك. فنزلت ما ودعك ربك وما قلى . وهذا الحديث سلف في الصلاة في باب ترك القيام للمريض، وفي لفظ: أبطأ جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال المشركون: قد ودع محمد، وروي من حديث خولة خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن سبب نزولها موت جرو تحت السرير، وجاء: "أما علمت أنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة". وقد سلف من طريق الحاكم من حديث زيد بن أرقم أن قائل ذلك امرأة أبي لهب.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 551 ] وعند مقاتل : لما أبطأ الوحي قال المسلمون: يا رسول الله مكث عليك الوحي، فقال: "كيف ينزل علي وأنتم لا تنقون براجمكم ولا تقلمون أظفاركم".

                                                                                                                                                                                                                              واختلف في المدة التي احتبس لها جبريل، فذكر ابن جريج أنها كانت اثني عشر يوما، وقال ابن عباس : خمسة عشر يوما، وفي رواية: كانت خمسة وعشرين يوما. وقال مقاتل : أربعين يوما. ويقال: ثلاثة أيام.

                                                                                                                                                                                                                              وفي "تفسير ابن عباس ": لما أبطأ الوحي قال كعب بن الأشرف: قد أطفأ الله نور محمد، ولم يتم نوره، وانقطع الوحي عنه. فقال أهل مكة: صدق، فنزل جبريل بعد أربعين يوما فقال: "ما أبطأك علي يا جبريل؟ فقال: كيف ننزل عليكم وأنتم لا تغسلون براجمكم ولا تستاكون ولا تستنجون بالماء".

                                                                                                                                                                                                                              وفي "تفسير عبد بن حميد " عن علي بن عبد الله بن عباس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أريت ما هو مفتوح على أمتي من بعدي كفرا كفرا، فسرني، فنزلت الضحى إلى قوله: فترضى ".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 552 ] وقوله: ما ودعك يقرأ بالتشديد والتخفيف بمعنى، خالف فيه أبو عبيدة فقال: التشديد من التوديع، والتخفيف ودع يدع أي: سكن، والأول عليه جماعة القراء، والثاني قراءة ابن أبي عبلة ، وهو شاذ.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( لم أره قربك ) قال ابن التين: هو بكسر الراء، يقال: قربه يقربه إذا كان متعديا، مثل: لا تقربوا الصلاة [ النساء: 43] وأما قرب من الشيء يقرب فهو لازم.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية