الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1793 2 - حدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك، وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " فلما فرض رمضان" وإسماعيل هو ابن علية، وأيوب السختياني. قوله: " عاشوراء" ممدود ومقصور، وهو اليوم العاشر من المحرم، وقيل: إنه التاسع منه، مأخوذ من إظماء الإبل، فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الورد أربعا، وكذا باقي الأيام على هذه النسبة، فيكون التاسع عشرا، وقال أبو علي القالي في كتابه "الممدود والمقصور": باب [ ص: 256 ] ما جاء من المدود على مثال "فاعولاء" اسما، ولم يأت صفة: عاشوراء معروفة، ويقال: أصابتهم ضاروراء منكرة، من الضر. قوله: " وأمر بصيامه" يدل على أنه كان فرضا، ثم نسخ بفرض رمضان. قوله: " وكان عبد الله" ؛ أي: ابن عمر راوي الحديث، "لا يصومه"؛ أي: لا يصوم يوم عاشوراء بعد فرض رمضان؛ وذلك كراهية أن يعظم في الإسلام، كما كان يعظم في الجاهلية، وتركه صوم عاشوراء لا يدل على عدم جواز صومه، فإن من صامه مبتغيا بصومه ثواب الله، ولا يريد به إحياء سنة أهل الشرك؛ فله عند الله أجر عظيم.

                                                                                                                                                                                  وكراهية ابن عمر صوم عاشوراء نظيره كراهية من كره صوم رجب إذا كان شهرا يعظمه الجاهلية، فكره أن يعظم في الإسلام ما كان يعظم في الجاهلية من غير تحريم صومه على من صامه، ولا يؤيسه من الثواب الذي وعد الله للصائمين.

                                                                                                                                                                                  قوله: " إلا أن يوافق صومه" ؛ أي: صومه الذي كان يعتاده، وغرضه أنه كان لا يعتقده تنفلا في عاشوراء، واختلف في السبب الموجب لصيام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء، فروي أنه كان يصومه في الجاهلية، وفي البخاري عن ابن عباس: " قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصومه، قالوا: يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، فقال: نحن أحق بموسى منكم"، ويحتمل أن تكون قريش كانت تصومه كما في حديث عائشة: " وكان عليه الصلاة والسلام يصومه معهم قبل أن يبعث، فلما بعث تركه، فلما هاجر أعلم أنه من شريعة موسى، فصامه وأمر به، فلما فرض رمضان قال: من شاء فليصمه، ومن شاء أفطر" على ما في حديث عائشة الآتي عن قريب.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية