الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أن رجلين افتتحا الصلاة معا ينوي كل واحد منهما أن يكون إماما لصاحبه فصلاتهما تامة ; لأن الإمام في حق نفسه كالمنفرد فإن صلاته لا تنبني على صلاة غيره فنية كل واحد منهما للإمامة ، ونيته الانفراد سواء ، وإن نوى كل واحد منهما أن يأتم بصاحبه فصلاتهما فاسدة ; لأن كل واحد منهما نوى الاقتداء عند الشروع ونيته الاقتداء بالمقتدي لا تصح ألا ترى أن المسبوق إذا قام إلى قضاء ما فات فاقتدى به إنسان لم يصح اقتداؤه ، وهذا ; لأن المقتدي تبع ويستحيل أن يكون كل واحد منهما تبعا لصاحبه في صلاة واحدة فلهذا تفسد صلاتهما ثم ذكر مسألة المغمى عليه ، وقد بيناها في كتاب الصلاة وفرق بين الإغماء والنوم : فإن النوم لا يسقط القضاء ، وإن كان أكثر من يوم وليلة ; لأن النائم في حكم القضاء كالمنتبه ألا ترى أنه إذا نبه انتبه بخلاف المغمى عليه وجعل الجنون كالإغماء فقال : إذا جن يوما وليلة أو أقل فعليه قضاء الصلوات ، وإذا جن أكثر من يوم وليلة فليس عليه قضاء الصلوات ، وهذا ; لأن الجنون يعجزه عن فهم الخطاب مع بقاء الأهلية للفرض ألا ترى أن فرضه المؤدى يبقى على حاله يعني حجة الإسلام والصلاة المؤداة حتى لو أفاق قبل مضي الوقت لم يكن عليه إعادة الصلاة فعرفنا أن الجنون إذا قصر فهو كالإغماء فإن كان يوما وليلة أو أقل كان عليه قضاء الصلوات ، وقد ظن بعض أصحابنا أن الجنون إذا استوعب وقت صلاة كاملة لم يكن عليه قضاؤها بخلاف الإغماء قالوا : لأن الجنون يزيل العقل ألا ترى أن من قال جن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من عمره كفر ، وقد أغمي عليه في مرضه ولكن الأصح أنه في حكم الصلاة لا فرق بين الجنون والإغماء كما نص عليه ههنا

التالي السابق


الخدمات العلمية