الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

كيفيات القراءة ثلاث .

أحدها : التحقيق : وهو إعطاء كل حرف حقه من إشباع المد وتحقيق الهمزة وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات وبيان الحروف وتفكيكها وإخراج بعضها من بعض بالسكت والترتيل والتؤدة وملاحظة الجائز من الوقوف : بلا قصر ولا اختلاس ، ولا إسكان محرك ولا إدغامه ، وهو يكون لرياضة الألسن وتقويم الألفاظ .

ويستحب الأخذ به على المتعلمين من غير أن يتجاوز فيه إلى حد الإفراط بتوليد الحروف من الحركات وتكرير الراءات وتحريك السواكن وتطنين النونات بالمبالغة في الغنات ، كما قال حمزة لبعض من سمعه يبالغ في ذلك : أما علمت أن ما فوق البياض برص ، وما فوق الجعودة قطط وما فوق القراءة ليس بقراءة ؟ .

وكذا يحترز من الفصل بين حروف الكلمة ، كمن يقف على التاء من ( نستعين ) وقفة لطيفة ، مدعيا أنه يرتل . وهذا النوع من القراءة مذهب حمزة وورش ، وقد أخرج فيه الداني حديثا في كتاب التجويد مسلسلا إلى أبي بن كعب : أنه قرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التحقيق . وقال : إنه غريب مستقيم الإسناد .

الثانية : الحدر : بفتح الحاء وسكون الدال المهملتين ; وهو إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير ، وتخفيف الهمزة ، ونحو ذلك مما صحت به الرواية ، مع مراعاة إقامة الإعراب وتقويم اللفظ ، وتمكن الحروف بدون بتر حروف المد ، واختلاس أكثر الحركات ، وذهاب صوت الغنة ، والتفريط إلى غاية لا تصح بها [ ص: 324 ] القراءة ، ولا توصف بها التلاوة . وهذا النوع مذهب ابن كثير وأبي جعفر ، ومن قصر المنفصل كأبي عمرو ويعقوب .

الثالثة : التدوير : وهو التوسط بين المقامين من التحقيق والحدر . وهو الذي ورد عن أكثر الأئمة ممن مد المنفصل ، ولم يبلغ فيه الإشباع ، وهو مذهب سائر القراء ، وهو المختار عند أكثر أهل الأداء .

تنبيه : سيأتي في النوع الذي يلي هذا استحباب الترتيل في القراءة . والفرق بينه وبين التحقيق : - فيما ذكره بعضهم - أن التحقيق يكون للرياضة والتعليم والتمرين ، والترتيل يكون للتدبر والتفكر والاستنباط ، فكل تحقيق ترتيل ، وليس كل ترتيل تحقيقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية