الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      466 حدثنا إسمعيل بن بشر بن منصور حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح قال لقيت عقبة بن مسلم فقلت له بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال أقط قلت نعم قال فإذا قال ذلك قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( فقلت ) قائل هذا حيوة بن شريح 7 ( له ) أي لعقبة بن مسلم ( أعوذ ) أي أعتصم وألتجئ ( بالله العظيم ) أي ذاتا وصفة ( وبوجهه ) أي ذاته ( وسلطانه ) أي غلبته وقدرته وقهره على ما أراد من خلقه ( القديم ) أي الأزلي الأبدي ( من الشيطان ) مأخوذ من شطن أي بعد يعني المبعود من رحمة الله ( الرجيم ) فعيل بمعنى مفعول أي المطرود من باب الله ، أو المشتوم بلعنة الله ، والظاهر أنه خبر معناه الدعاء يعني : اللهم احفظني من وسوسته وإغوائه وخطواته وخطراته وتسويله وإضلاله ، فإنه السبب في الضلالة والباعث على الغواية والجهالة ، وإلا ففي الحقيقة أن الله هو الهادي المضل ( قال أقط ) الهمزة للاستفهام ، وقط بمعنى حسب ، قال عقبة لحيوة : أبلغك عني هذا القدر من الحديث فحسب ( قلت نعم ) قائل هذا حيوة ( قال ) أي عقبة ( فإذا قال ) الرجل الداخل ( ذلك ) الكلام ( حفظ مني سائر اليوم ) وهذه الجملة من بقية الحديث التي بلغك عني ومعنى حفظ مني سائر اليوم أي بقيته أو جميعه ، ويقاس عليه الليل ، أو يراد باليوم مطلق [ ص: 102 ] الوقت فيشمله . قال ابن حجر المكي : إن أريد حفظه من جنس الشياطين تعين حمله على حفظه من كل شيء مخصوص كأكبر الكبائر ، أو من إبليس اللعين فقط بقي الحفظ على عمومه وما يقع منه من إغواء جنوده ، وإنما ذكرت ذلك لأنا نرى ونعلم من يقول ذلك ، ويقع في كثير من الذنوب ، فتعين حمل الحديث على ما ذكرته وإن لم أره . انتهى . وفيه أن الظاهر أن لام الشيطان للعهد والمراد منه قرينه الموكل على إغوائه ، وأن القائل ببركة ما ذكر من الذكر يحفظ منه في الجملة ذلك الوقت عن بعض المعاصي وتعيينه عند الله تعالى ، وبه يرتفع أصل الإشكال والله أعلم بالحال . كذا في المرقاة .

                                                                      باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد




                                                                      الخدمات العلمية