الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 400 ] الفصل الثالث

385 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أراني في المنام أتسوك بسواك ، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر ، فناولت السواك الأصغر منهما ، فقيل لي : كبر ، فدفعته إلى الأكبر منهما متفق عليه .

التالي السابق


385 - ( عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أراني " : قال ميرك : وقع في أصل سماعنا بفتح الهمزة يعني بلفظ المتكلم أي : أرى نفسي ، وأصله رأيت نفسي وعدل إلى المضارع لحكاية الحال الماضية . قال الشيخ ابن حجر : ووهم من ضمها : لكن قال الأبهري : وفي بعض النسخ بضم الهمزة فمعناه أظن نفسي قاله الكرماني كأنه ظن الكرماني أن الرؤيا المنامية يعبر عنها بالظن ، ولذا يقال : رأيت كأني أفعل كذا ونحوه ، ولكن هذا من بعض الظن إذ رؤيا الأنبياء حق فإن ثبت بضم الهمزة فالصواب أن يحمل على أنه مجهول من باب الإراءة بمعنى الإعلام ، ولم يذكر ابن حجر إلا معنى الضم ، والله أعلم " في المنام أتسوك بسواك " أي : رأيت نفسي في المنام متسوكا فالمفعول الأول مستتر والثاني البارز ، وجاز في " علمت " كون الفاعل والمفعول ضميري واحد ، والثالث أتسوك كذا قيل ، وهو مبني على أن رواية الضم من الإراءة دون الرؤية وأتسوك بإضمار أن مصدر بمعنى الفاعل " فجاءني رجلان أحدهما أكبر " أي : سنا " من الآخر ، فناولت " ) أي أعطيت " السواك " : يعني : أردت مناولة السواك " الأصغر منهما " : لعله لقربه " فقيل لي : كبر " : أي : قدم الكبير في السن يعني ادفع إلى الأكبر " فدفعته إلى الأكبر منهما " الظاهر أنهما كانا في أحد جانبيه أو في يساره وهو الأنسب فأراد تقديم الأقرب فأمر بتقديم الأكبر ، فلا ينافي في حديث ابن عباس أو الأعرابي في إيثاره بسؤره عليه الصلاة والسلام من اللبن لكونه على اليمين على الأشياخ من أبي بكر وعمر وغيرهما ، لكونهم على اليسار بعد أن استأذنه - صلى الله عليه وسلم - في إعطائه لهم فقال : لا أوثر بنصيبي منك أحدا ، وأطنب ابن حجر بما لا طائل تحته حيث قال : وظاهر حديث ابن عباس أن المراد الكبر هنا في السن لا في العلم والقدر ووجه أخذ ذلك من هذا أن ذلك على اعتبار من على اليمين من غير نظر لسنه ولا لفضله ، نظرا إلى أن جلوسه باليمين هو المرجح له ، فكذا كبر السن ههنا يكون مرجحا من غير اعتبار فضل ولا قدر .

فإن قلت : يمكن الفرق بأن ثمة وجد مرجح خارجي أيضا وهو كبر السن فهو لظهوره لكل أحد أحق بالرعاية من الفضل الذي لا يظهر إلا للبعض اهـ . وأنت خبير بأن كبر سن الصديق وفضله معا على ابن عباس أو الأعرابي أظهر من الشمس ومع هذا حيث كان المفضول من الجهتين على اليمين استحق التقديم ، ثم قوله لاستوائهما في كونهما أمامه مدفوع لتحقق تقابل اليمين واليسار حينئذ أيضا ، ثم المنع بعد تسليمه في الجواب فالعدول عن سنن المنع إلى الاضطراب ليس من آداب أولي الألباب ، والله أعلم بالصواب . ( متفق عليه ) . إلا أن البخاري لم يذكر في المنام قاله الأبهري .




الخدمات العلمية