الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 482 ] ( ولا تدفع إلى غني ) لقوله عليه الصلاة والسلام { لا تحل الصدقة لغني } [ ص: 483 - 485 ] وهو بإطلاقه حجة على الشافعي رحمه الله في غني الغزاة ، وكذا حديث معاذ رضي الله عنه على ما روينا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث السابع والثلاثون : قال عليه السلام : { لا تحل الصدقة لغني } ، قلت : روي من حديث عبد الله بن عمرو ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث حبشي بن جنادة ، ومن حديث جابر ، ومن حديث طلحة ، ومن حديث عبد الرحمن بن أبي بكر ، ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهم . فحديث عبد الله بن عمرو : أخرجه أبو داود ، والترمذي عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو عن النبي عليه السلام ، قال : { لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي }. انتهى . أخرجه أبو داود عن إبراهيم بن سعد عن أبيه ، والترمذي عن سفيان عن سعد به ، وقال : حديث حسن ، وقد رواه شعبة عن سعد ، فلم يرفعه . انتهى .

                                                                                                        قال صاحب " التنقيح " : وريحان بن يزيد ، قال أبو حاتم : شيخ مجهول ، ووثقه ابن معين ، وقال ابن حبان : كان أعرابيا صدوقا . وأما حديث أبي هريرة : فأخرجه النسائي ، وابن ماجه عن أبي حصين عن سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الصدقة لا تحل لغني ، ولا لذي مرة سوي }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه في النوع السابع والسبعين ، من [ ص: 483 ] القسم الثاني ، قال صاحب " التنقيح " : رواته ثقات ، إلا أن أحمد بن حنبل ، قال : سالم بن أبي الجعد لم يسمع من أبي هريرة . انتهى .

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن ابن عيينة عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة ، فذكره . وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وشاهده حديث عبد الله بن عمرو ، ثم رواه بسند السنن . وسكت عنه .

                                                                                                        طريق آخر : أخرجه البزار في " مسنده " عن إسرائيل عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة ، قال البزار : وهذا الحديث رواه ابن عيينة عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، والصواب حديث إسرائيل ، وقد تابع إسرائيل على روايته أبو حصين ، فرواه عن سالم عن أبي هريرة ، ثم أخرجه كذلك ، وهذا مخالف لكلام الحاكم . وأما حديث حبشي بن جنادة : فرواه الترمذي حدثنا علي بن سعيد الكندي ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن الشعبي عن حبشي بن جنادة السلولي ، قال : سمعت { رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، وهو واقف بعرفة في حجة الوداع ، وقد أتاه أعرابي فسأله رداءه ، فأعطاه إياه قال : إن المسألة لا تحل لغني ، ولا لذي مرة سوي } ، مختصر ، وقال : غريب من هذا الوجه . ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عبد الرحيم به ، ومن طريقه الطبراني في " معجمه " .

                                                                                                        وأما حديث جابر : فأخرجه الدارقطني في " سننه " عن الوازع بن نافع عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله ، قال : { جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة ، فركبه الناس ، فقال : إنها لا تصلح لغني ، ولا لصحيح سوي ، ولا لعامل قوي }. انتهى . والوازع بن نافع ، [ ص: 484 ] قال ابن حبان في " كتاب الضعفاء " يروي الموضوعات عن الثقات على قلة روايته ، ويشبه أنه لم يتعمدها ، بل وقع ذلك في روايته لكثرة وهمه . فبطل الاحتجاج به . انتهى كلامه .

                                                                                                        ورواه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في " تاريخ جرجان " من حديث محمد بن الفضل بن حاتم ثنا إسماعيل بن بهرام الكوفي حدثني محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن جابر مرفوعا : { لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي }. انتهى .

                                                                                                        وأما حديث طلحة : فرواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " من حديث إسماعيل بن يعلى بن أمية الثقفي عن نافع عن أسلم مولى عمر عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن عدي في " الكامل " ، وقال : لا أعلم أحدا رواه بهذا الإسناد غير أبي أمية بن يعلى ، وضعفه عن ابن معين ، والنسائي ، ولينه عن البخاري ، ووثقه عن شعبة ، ثم قال : وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم . انتهى .

                                                                                                        وأما حديث عبد الرحمن بن أبي بكر : فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا أحمد بن رشد ثنا يحيى بن بكير ثنا ابن لهيعة حدثني بكر بن سوادة عن أبي ثور عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن النبي عليه السلام نحوه ، سواء .

                                                                                                        وأما حديث ابن عمر : فرواه ابن عدي في " الكامل " من حديث محمد بن الحارث بن زياد عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهم رفوعا بنحوه ، سواء ، وأعله بمحمد بن الحارث ، وضعفه عن البخاري ، والنسائي ، وابن معين ، وضعف أيضا ابن البيلماني .

                                                                                                        { حديث آخر } في الباب : أخرجه أبو داود ، والنسائي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عدي بن الخيار ، قال : أخبرني { رجلان أنهما أتيا النبي عليه السلام في حجة الوداع ، وهو يقسم الصدقة ، فسألاه ، فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين ، فقال : إن شئتما أعطيتكما ، ولا حظ فيهما لغني ، ولا لقوي مكتسب }. انتهى .

                                                                                                        قال صاحب [ ص: 485 ] " التنقيح " : حديث صحيح ، ورواته ثقات ، قال الإمام أحمد رضي الله عنه : ما أجوده من حديث ، هو أحسنها إسنادا . انتهى .

                                                                                                        حديث للشافعي رضي الله عنه . في تخصيصه غني الغزاة : رواه أبو داود ، وابن ماجه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تحل الصدقة لغني ، إلا لخمسة : العامل عليها أو رجل اشتراها بماله أو غارم أو غاز في سبيل الله أو مسكين تصدق عليه منها ، فأهداها لغني }. انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو داود من طريق مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء عن النبي عليه السلام مرسلا ، قال أبو داود : ورواه ابن عيينة عن زيد ، كما رواه مالك ، ورواه الثوري عن زيد ، قال : حدثني الثبت عن النبي عليه السلام . انتهى .

                                                                                                        الحديث الثامن والثلاثون : حديث معاذ رضي الله عنه ، قلت : تقدم قريبا .




                                                                                                        الخدمات العلمية