الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويقطع ) الموالاة ( السكوت ) [ ص: 484 ] العمد ( الطويل ) بأن زاد على سكتة الاستراحة والإعياء لإشعاره بالإعراض وإن لم ينو قطعها ، أما الناسي فلا يقطع على الصحيح ( وكذا ) يقطعها ( يسير قصد به قطع القراءة في الأصح ) لاقتران الفعل بنية القطع كما لو نقل الوديعة ناويا التعدي فيها ، بخلاف ما إذا لم ينو القطع لأنه قد يكون لنحو تنفس أو عي كنقل الوديعة بلا نية تعد بخلاف ما لو نواه بلا سكوت لأن القراءة باللسان ولم يقطعها ، ويخالف ذلك نية القطع الصلاة لأن النية ركن فيها تجب إدامتها حكما ، ولا يمكن ذلك مع نية القطع وقراءة الفاتحة لا تفتقر إلى نية خاصة فلا تتأثر بنية القطع ، قاله الرافعي وغيره . قال الإسنوي : ومقتضاه أن نية قطع الركوع أو غيره من الأركان لا تؤثر وهي مسألة مهمة ، وما قاله ظاهر والرد عليه مردود .

                                                                                                                            والثاني لا يقطع لأن قصد القطع وحده لا يؤثر والسكوت اليسير وحده لا يؤثر فاجتماعهما كذلك ورد بالمنع ، ويستثنى من كل من الضابطين ما لو نسي آية فسكت طويلا لتذكرها فإنه لا يؤثر كما قاله القاضي وغيره ، ولعل وجهه أن التذكر من مصالحها ، ولو كرر آية منها للشك أو التفكر أو لا لسبب عمدا ففي المجموع عن جمع أنه يعني ، وعن ابن سريج أنه يستأنف ، والأصح الأول وصححه في التحقيق ، ويمكن حمله على تفصيل المتولي وهو أنه إن كرر ما هو فيه أو ما قبله واستصحب بنى وإلا كأن وصل إلى أنعمت عليهم فقرأ مالك يوم الدين فقط فلا يبني إن كان عالما متعمدا لأنه غير معهود في التلاوة ، واعتمده صاحب الأنوار .

                                                                                                                            وعن البغوي أنه إن كرر آية منها يؤثر ، وإن قرأ نصفها ثم شك ، هل بسمل فأتمها ثم ذكر أنه بسمل أعاد ما قرأه بعد الشك فقط .

                                                                                                                            واعتمد الإسنوي وغيره الثالث وحمل إطلاق الأول عليه ، والأوجه في صورة البغوي أن يعيدها كلها ، ويستحب له وصل أنعمت بما بعده لأنه ليس بوقف ولا منتهى آية .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : على سكتة الاستراحة والإعياء ) أي الغالب كل منهما فلا ينافي ما مر من أنه إذا سكت للتنفس أو العي لا يضر وإن طال لحمل ما مر على حصول التعب بالفعل فسكت ليزول بخلاف ما هنا ( قوله : ويستثنى من كل من الضابطين ) هما قوله لإشعاره بالإعراض إلخ ، وقوله لأنه قد يكون لنحو تنفس إلخ ، ومثله في سم على منهج وعبارته : ويستثنى ما لو نسي آية فسكت طويلا لتذكرها فإنه لا يؤثر كما قاله القاضي وغيره انتهى .

                                                                                                                            واعتمده م ر حيث قال : لم أر ما يخالفه ، ثم وجهه بأنهم اغتفروه لمصلحة القراءة انتهى .

                                                                                                                            وفي قوله حيث قال لم أر ما يخالفه إشعار بتردده في اعتماده ، وهو خلاف ما فهم من كلامه هنا من الجزم به ، وإنما تردد في التعليل حيث قال : ولعل وجهه إلخ ( قوله : فإنه لا يؤثر ) أي في الموالاة ( قوله : أو التفكر ) أي في معناه ، أو ليتذكر ما بعده على ما هو المتبادر من عبارته ( قوله : الثالث ) هو تفصيل المتولي ( قوله : والأوجه في صورة البغوي ) وهي قوله وإن قرأ نصفها ثم إلخ ( قوله ليس بوقف ولا منتهى آية ) فلو وقف عليه لم يضر في صلاته ، والأولى عدم إعادة ما وقف عليه والابتداء بما بعده ، لأن ذلك وإن لم يحسن [ ص: 485 ] في عرف القراء إلا أن تركه يؤدي إلى تكرير بعض الركن القولي ، وهو مبطل في قول فتركه أولى خروجا من الخلاف ، ثم رأيت في حج ما نصه ، بعد قوله ولا منتهى آية : فإن وقف على هذا لم تسن له الإعادة من أول الآية وهو صريح فيما قلته .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ويستثنى من كل من الضابطين إلخ ) هو تابع في هذه العبارة لشرح الروض ، لكن ذاك تقدم له في المتن والشرح ما يصحح له الإتيان باللام العهدية ، بخلاف الشارح ، فإنه لم يتقدم له إلا الإشارة إلى ضابط واحد فيما يقطع الموالاة وما لا يقطعها ، وهو قوله : فيما مر من غير فصل إلا بعذر تنفس وعي إلخ .

                                                                                                                            وعبارة الروض وشرحه : فإن سكت يسيرا مع نية قطعها : أي القراءة ، أو طويلا عمدا بحيث يزيد على سكتة الاستراحة ، وإن لم ينو القطع استأنف القراءة ، إلى أن قال الشارح ، وما ضبط به المصنف الطول أخذه من المجموع وعدل إليه عن ضبط الأصل له بما أشعر بقطع القراءة ، أو إعراضه عنها مختارا ، أو لعائق ليفيد أن السكوت للإعياء لا يؤثر وإن [ ص: 485 ] طال ; لأنه معذور .

                                                                                                                            ونقله في المجموع عن نص الأم ثم قال : ويستثنى من كل من الضابطين إلخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية