الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4772 5059 - حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن أبي موسى ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب ، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة ، طعمها مر -أو خبيث - وريحها مر " . [انظر : 5020 - مسلم: 797 - فتح: 9 \ 100 ]

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 173 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 173 ] ذكر فيه ثلاثة أحاديث :

                                                                                                                                                                                                                              أحدها : حديث سويد بن غفلة قال : قال علي رضي الله عنه : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان " . . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها : حديث أبي سعيد : "يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم . . " الحديث . ويأتي في استتابة المرتدين .

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها ; حديث أبي موسى : "المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة . . " إلى آخره ، سلف قريبا .

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى "لا يجاوز حناجرهم " : لا يرتفع إلى الله ، ولا يؤجرون عليه ; لعدم خلوص النية بقراءة ذلك ، ولذلك شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - قراءة المنافق لما كانت رياء وسمعة بطعم الريحانة المرة الذي لا يلتذ به آكله ، كما لا يلتذ المنافق والمرائي بأجر قراءته وثوابها .

                                                                                                                                                                                                                              وقال حذيفة : أقرأ الناس بالقرآن منافق يقرؤه لا يترك ألفا ولا واوا ، ولا يجاوز ترقوته .

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن مسعود : أعربوا القرآن فإنه عربي ، فسيأتي قوم يثقفونه ليس بخياركم . وروى أبو عبيد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا : "تعلموا القرآن ، واسألوا الله به قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا ، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة نفر : رجل يباهي به ، ورجل يستأكل به ، ورجل يقرؤه لله " .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر أيضا عن زاذان قال : من قرأ القرآن ليستأكل به الناس جاء يوم

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 174 ] القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم وقال ابن مسعود : سيجيء على الناس زمان يسأل فيه بالقرآن ، فإذا سألوكم فلا تعطوهم .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ("ينظر في النصل" ) هو حديدة السهم . و"القدح " : عوده و"الفوق " منه موضع الوتر وجمعه : أفواق ووفوق وفقا .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة :

                                                                                                                                                                                                                              قوله : (عن سويد بن غفلة قال : قال علي ) وذكره الداودي عن سويد قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال : اختلف في صحبة سويد ، والصحيح ما هنا أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا وهم ، فالذي هنا أنه سمعه من علي رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                                                              قال الداودي : وفي قوله : "لا يجاوز إيمانهم حناجرهم " أنهم تعلقوا بشيء من الإيمان . وخالفه غيره ; لأن الإيمان مكانه القلب ، وإذا لم يصل إليه لم يكن له إيمان . والحنجرة : أسفل الحلقوم .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ("فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة" ) اختلف في تأويله ، فقال مالك : من قدر عليه منهم استتيب ، فإن تاب وإلا قتل .

                                                                                                                                                                                                                              وقال سحنون : من كان منهم يقرؤه ودعا إلى بدعته قوتل حتى يؤتى عليه أو يرجع إلى الله ، ومن لم يتق منهم بداره ولم يدع إلى بدعته ، صنع به ما صنع عمر بضبيع يسجن ويكرر عليه الضرب حتى يموت .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية