الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويسن أن يقف بعد ذلك زمنا يسع قراءة السورة في محل طلبها ، وللفاتحة سنتان سابقتان وهما الافتتاح والتعوذ . وسنتان لاحقتان وهما التأمين والسورة

                                                                                                                            ولما فرغ من ذكر السابقتين شرع في اللاحقتين فقال ( ويسن عقب الفاتحة ) بعد سكتة لطيفة أو بدلها إن تضمن دعاء فيما [ ص: 489 ] يظهر محاكاة للمبدل ( آمين ) سواء أكان في صلاة أم لا ، لكنه فيها أشد استحبابا لخبر " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته فقال آمين يمد بها صوته " ومراده بالعقب أن لا يتخلل بينهما لفظ ، إذ تعقيب كل شيء بحسبه فلا ينافي ما تقرر من سن السكتة اللطيفة بينهما ، إذ لا يفوت إلا بالشروع في غيره كما في المجموع : أي ولو سهوا فيما يظهر ، واختص بالفاتحة لشرفها واشتمالها على دعاء فناسب أن يسأل الله تعالى إجابته ، ويجوز في عقب ضم العين وإسكان القاف ، وقول كثير بياء بعد القاف لغة ضعيفة ، وآمين اسم مبني على الفتح مثل أين وكيف بمعنى استجب ( خفيفة الميم بالمد ) هو الأفصح الأشهر ( ويجوز القصر ) لعدم إخلاله بالمعنى ، وحكي مع المد لغة ثالثة وهي الإمالة ، وحكي التشديد مع القصر والمد : أي قاصدين إليك وأنت أكرم أن تخيب من قصدك ، وهو لحن بل قيل شاذ منكر ، لكن لا تبطل به صلاة لقصده الدعاء كما في المجموع خلافا لما [ ص: 490 ] في الأنوار وغيره ، ولو زاد الحمد لله رب العالمين أو غيره من الذكر فحسن .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويسن عقب الفاتحة ) أي لقارئها محلي ( قوله : إن تضمن دعاء ) [ ص: 489 ] ظاهره أنه لا فرق بين تقدم الدعاء وتأخره ، لكن في سم على منهج عن الشارح ما نصه : قال م ر : لو أتى ببدل الفاتحة فإن ختم بدعاء أمن عقبه انتهى .

                                                                                                                            وهو يقتضي أنه لا يؤمن حيث قدم الدعاء ، وقد يشير إليه قول الشارح محاكاة للمبدل ( قوله : فقال آمين ) ظاهره أنه كان يقولها مرة واحدة ، لكن قال في الإيعاب ما نصه : وأخرج الطبراني عن وائل بن حجر أنه قال { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في الصلاة فلما فرغ من فاتحة الكتاب قال آمين ثلاث مرات } ويؤخذ منه أنه يندب تكرير آمين ثلاثا حتى في الصلاة ، ولم أر أحدا صرح بذلك انتهى .

                                                                                                                            أقول : ومجرد أخذه من الحديث لا يقتضي أن الشافعي يقول به لجواز أنه اطلع عليه وظهر له فيه ما يمنع من الأخذ به ، وقوله إذا صح الحديث فهو مذهبي ليس على إطلاقه بل اعترته أمور ذكرها حج في الإيعاب في الكلام على وقت المغرب ( قوله : أن لا يتخلل بينهما لفظ ) نعم ينبغي استثناء نحو رب اغفر لي للخبر الحسن { أنه صلى الله عليه وسلم قال عقب ولا الضالين : رب اغفر لي آمين } حج ، وينبغي أنه لو زاد على ذلك ولوالدي ولجميع المسلمين لم يضر أيضا ( قوله : إذ لا يفوت ) أي التأمين ، وقوله إلا بالشروع فيه ظاهره أنه لا يفوت بالسكوت وإن طال ، ولا ينافيه تعبيره بالعقب لجواز حمله على أن الأولى المبادرة إليه لا أنها شرط ، لكن قال حج : إنه يفوت بالسكوت إذا طال نظير ما مر في الموالاة ( قوله : ويجوز في عقب ضم العين إلخ ) لم يذكر لعقب ضبطا لعينه حتى يكون ما ذكره مقابلا له ، وفي المختار : العقب بكسر القاق مؤخر القدم ، ثم ذكر بعد كلام طويل ما نصه : قلت : قال الأزهري في آخر عقب : قال ابن السكيت : فلان يبقى عقب آل فلان : أي بعدهم ، ولم أجد في الصحاح ولا في التهذيب حجة على صحة قول الناس جاء فلان عقب فلان : أي بعده إلا هذا ، وأما قولهم جاء عقيبه بمعنى بعده فليس في الكتابين جوازه ( قوله : وهو لحن ) بل قيل شاذ منكر : أي التشديد مع المد والقصر وبه صرح في شرح الروض ( قوله : أي قاصدين ) تفسير المد ( قوله : لقصده الدعاء ) قضيته أنه لو لم [ ص: 490 ] يقصد به الدعاء بطلت ، وبه صرح حج حيث قال في شرح الإرشاد : فتبطل الصلاة ما لم يرد قاصدين إليك انتهى .

                                                                                                                            ومثله في شرح المنهاج ( قوله : ولو زاد ) أي بعد آمين .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : إلا بالشروع في غيره ) أي أو يطول الفصل بحيث تنقطع نسبته عن الفاتحة ( قوله : ويجوز القصر ) أي ، فهو لغة وإن أوهم التعليل خلافه ، ويدل على ذلك قوله : بعد وحكى مع المد لغة ثالثة وهي الإمالة ( قوله : أي قاصدين ) ظاهره أنه تفسير للتشديد بقسميه القصر ، والمد وقد صرح به في الإمداد ، لكن في التحفة وشرح الروض وغيرهما أنه تفسير للمدود فقط ( قوله : أن تخيب ) لعله سقط قبله بلفظ من وهي كذلك في عبارة التحفة ( قوله : وهو لحن بل قيل شاذ منكر ) صوابه ، وهو شاذ منكر بل قيل لحن ، ثم لا يخفى أن الشذوذ أو اللحن إنما هو إذا جعلناها لغة في آمين بمعنى اسم الفعل لا اسم فاعل بمعنى قاصدين وإن لم يقبله كلام الشارح أولا وآخرا ( قوله : لكن لا تبطل به الصلاة ) ليس من مقول القيل [ ص: 490 ] قوله : ولو زاد الحمد لله رب العالمين ) هو تابع فيه للإمداد ، لكن الذي في كلام غيره الاقتصار على رب العالمين وأصل ذلك قول الشافعي رضي الله عنه في الأم : لو قال آمين رب العالمين وغيره من ذكر الله تعالى كان حسنا




                                                                                                                            الخدمات العلمية