الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( فدية طعام مسكين ) ففيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قرأ نافع وابن عامر " فدية " بغير تنوين " طعام " بالكسر مضافا إليه " مساكين " جمعا ، والباقون " فدية " منونة " طعام " بالرفع " مسكين " مخفوض ، أما القراءة الأولى ففيها بحثان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه ما معنى إضافة فدية إلى طعام ؟ فنقول فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : أن الفدية لها ذات وصفتها أنها طعام ، فهذا من باب إضافة الموصوف إلى الصفة ، كقولهم : مسجد الجامع وبقلة الحمقاء .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : قال الواحدي : الفدية اسم للقدر الواجب ، والطعام اسم يعم الفدية وغيرها ، فهذه الإضافة من الإضافة التي تكون بمعنى " من " كقولك : ثوب خز ، وخاتم حديد ، والمعنى : ثوب من خز ، وخاتم من حديد ، فكذا ههنا التقدير : فدية من طعام فأضيفت الفدية إلى الطعام مع أنك تطلق على الفدية اسم الطعام .

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 70 ] البحث الثاني : أن في هذه القراءة جمعوا المساكين لأن الذين يطيقونه جماعة ، وكل واحد منهم يلزمه مسكين ، وأما القراءة الثانية وهي " فدية " بالتنوين ، فجعلوا ما بعده مفسرا له ووحدوا المسكين ؛ لأن المعنى على كل واحد لكل يوم طعام مسكين .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : الفدية في معنى الجزاء وهو عبارة عن البدل القائم على الشيء ، وعند أبي حنيفة أنه نصف صاع من بر أو صاع من غيره ، وهو مدان وعند الشافعي مد .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية