الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
نهى الشارع عن أن يقول الرجل لمملوكه أو مملوكته:

عبدي وأمتي، وعن قولهما لمالكهما: مولاي

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي، ولا يقل العبد: ربي، ولكن ليقل: سيدي" .

وفي رواية: "ليقل: سيدي ومولاي" ، وفي رواية: "لا يقل العبد لسيده: مولاي; فإن مولاكم الله" رواه مسلم.

تقدم الكلام على هذا الحديث في موضعه من هذا الكتاب.

والمقصود من إيراده هنا: الاحتجاج على المنع من إفراط التعظيم فيما بينهم، والاقتصار على ما ورد به الحديث، وعدم مجاوزة الحد في الثناء والوصف.

وتمام هذا البحث في كتاب "الجوائز والصلات" ، فراجعه.

وعن حذيفة - رضي الله عنه -، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان" رواه أحمد، وأبو داود.

وفي رواية منقطعة قال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، وقولوا: ما شاء الله وحده" رواه في "شرح السنة" .

والحديث تقدم في النصيب الأول من هذا الكتاب، ومعناه واضح.

[ ص: 429 ] وفيه نهي عن القول بمشيئة غيره تعالى; لأن فيه تعظيمه مفرطا، وهو منهي عنه، فلا يجوز أن يتقول في حق أحد بما يدل على غاية تعظيمه وتذلل القائل به; فإن ذلك شأن الله العلي العظيم، لا شأن أحد من مخلوقاته، عز الخالق، ذل المخلوق.

وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تقولوا للمنافق: سيد; فإنه إن يك سيدا، فقد أسخطتم ربكم" رواه أبو داود.

وفيه: النهي عن مدح أهل النفاق; لأن ذلك يدخل في إفراط التعظيم، وهو يوجب سخط الرب، ونعوذ بالله من سخط الله.

وإذا وجب سخط الله على مدح المنافق والثناء عليه، فكيف بمن يمدح الكفار على تباين أنواعهم، واختلاف أصنافهم ؟!! فإنه أشد في السخط من ذلك.

وإنما أوردنا هذه الأحاديث في هذه المقامة، تبعا لصاحب "رد الإشراك" ; فإنه أوردها في القسمين من كتابه، وإلا، فقد تقدم كثير منها، ومع ذلك لا تخلو عن فائدة زائدة.


أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره هو المسك ما كررته يتضوع

وما أحق كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بالتكرار!وما أسعد من أتى بهما في معارك الرهبان والأحبار، محتجا بالكتاب والسنة، محترزا عن غيرهما في كل أمر من أمور الدين، وفي كل مسألة من مسائل الشرع المبين!!اللهم وفقنا لذلك، واجعل لنا لسان صدق في الآخرين.

التالي السابق


الخدمات العلمية