الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( السادس )

يعمل بخبر الآحاد في أصول الدين ، وحكى الإمام ابن عبد البر الإجماع على ذلك . قال الإمام أحمد - رضي الله عنه : لا نتحدى القرآن والحديث . وقال القاضي أبو يعلى : يعمل به في الديانات إذا تلقته الأمة بالقبول ، ولهذا قال الإمام أحمد - رضي الله عنه : قد تلقتها العلماء بالقبول . قال العلامة ابن قاضي الجبل : مذهب الحنابلة أن أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول تصلح لإثبات أصول الديانات ، ذكره القاضي أبو يعلى في مقدمة المجرد ، والشيخ تقي الدين في عقيدته . انتهى . وقال أبو الخطاب وابن عقيل وغيرهما : لا يعمل به فيها . ولا يكفر منكر خبر الآحاد في الأصح ، حكى ابن حماد الوجهين عن الأصحاب ، ونقل تكفيره عن الإمام إسحاق بن راهويه . قال في المسودة : قد اختلف العلماء في تكفير من يجحد ما ثبت بخبر الواحد العدل ، وقد ذكر ابن حامد في أصوله عن أصحابنا في ذلك [ ص: 20 ] وجهين ، والتكفير منقول عن الإمام إسحاق بن راهويه . انتهى . قال ابن حامد : لكن غالب أصحابنا على كفره ، فيما يتعلق بالصفات . وذكر في مكان آخر : إن جحد أخبار الآحاد كفر ، كالمتواتر عندنا ، فإنه يوجب العلم والعمل . فأما من جحد العلم بها فالأشبه أنه لا يكفر ، ويكفر في نحو ما ورد في الإسراء والنزول ونحوهما من الصفات ، كما في حاشية الجراعي على أصول العلامة ابن اللحام - رحمهما الله تعالى . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه في شرح العقيدة الأصفهانية : يجب تصديق كل مسلم بما أخبر به الله ورسوله من صفاته - تعالى - فليس ذلك موقوفا على أن يقوم دليل عقلي على تلك الصفة بعينها ، فإنه مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أخبرنا بشيء من صفات الله - تعالى - وجب علينا التصديق به ، وإن لم ندرك ثبوته بعقولنا ، ومن لم يقر بما جاء به الرسول حتى يعلمه بعقله فقد أشبه الذين قال الله - تعالى - عنهم ( وقالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته ) ، ومن سلك هذا السبيل فهو في الحقيقة ليس مؤمنا بالرسول ، ولا متلقيا عنه الأخبار بشأن الربوبية ، كما سنذكر هذه المقالة في محالها إن شاء الله - تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية