الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وبعد تقرير تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي; وتقرير الاتجاه إلى الله وحده بالعبادة والاستعانة..

                                                                                                                                                                                                                                      يبدأ في التطبيق العملي لها بالتوجه إلى الله بالدعاء على صورة كلية تناسب جو السورة وطبيعتها:

                                                                                                                                                                                                                                      اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ..

                                                                                                                                                                                                                                      اهدنا الصراط المستقيم ..

                                                                                                                                                                                                                                      وفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الواصل; ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته.. فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته. والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين. وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربه العون فيه. فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين.. وهي في حقيقتها هداية فطرة الإنسان إلى ناموس الله الذي ينسق بين حركة الإنسان وحركة الوجود كله في الاتجاه إلى الله رب العالمين.

                                                                                                                                                                                                                                      ويكشف عن طبيعة هذا الصراط المستقيم: صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ..

                                                                                                                                                                                                                                      فهو طريق الذين قسم لهم نعمته. لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه. أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلا إليه.. إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين..

                                                                                                                                                                                                                                      وبعد فهذه هي السورة المختارة للتكرار في كل صلاة، والتي لا تصح بدونها صلاة. وفيها على قصرها تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي; وتلك التوجهات الشعورية المنبثقة من ذلك التصور.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد ورد في صحيح مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة عن أبيه، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل.. إذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين . قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال الرحمن الرحيم . قال الله أثنى علي عبدي. فإذا قال: مالك يوم الدين . قال الله: مجدني عبدي.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين . قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل
                                                                                                                                                                                                                                      ..

                                                                                                                                                                                                                                      ولعل هذا الحديث الصحيح - بعد ما تبين من سياق السورة ما تبين - يكشف عن سر من أسرار اختيار السورة ليرددها المؤمن سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة، أو ما شاء الله أن يرددها كلما قام يدعوه في الصلاة..

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية