الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم [137]

                                                                                                                                                                                                                                        هذه قراءة أهل الحرمين وأهل الكوفة وأهل البصرة إلا أبا عبد الرحمن والحسن فإنهما قرآ (وكذلك زين) بضم الزاي (لكثير من المشركين قتل [ ص: 98 ] أولادهم) برفع (قتل) وخفض (أولادهم) (شركاؤهم) بالرفع.

                                                                                                                                                                                                                                        وحكى أبو عبيد أن ابن عامر وأهل الشام قرءوا (وكذلك زين) بضم الزاي لكثير من المشركين قتل أولادهم برفع (قتل) ونصب (أولادهم) (شركائهم) بالخفض.

                                                                                                                                                                                                                                        وحكى غير أبي عبيد عن أهل الشام أنهم قرءوا (وكذلك زين) بضم الزاي (لكثير من المشركين قتل أولادهم) برفع (قتل) وخفض (أولادهم) (شركائهم) بالخفض أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : فهذه أربع قراءات، الأولى أبينها وأصحها، تنصب (قتل) بزين، وخفض (أولادهم) بالإضافة (شركاؤهم) رفع بزين لا بالقتل؛ لأنهم زينوا ولم يقتلوا، وهم شركاؤهم في الدين ورؤساؤهم.

                                                                                                                                                                                                                                        والقراءة الثانية أن يكون (قتل) اسم ما لم يسم فاعله (شركاؤهم) رفع بإضمار فعل؛ لأن (زين) يدل على ذلك، أي: زينه شركاؤهم، ويجوز على هذا: ضرب زيد عمرو بمعنى ضربه عمرو ، وأنشد سيبويه :


                                                                                                                                                                                                                                        138 - ليبك يزيد ضارع لخصومة



                                                                                                                                                                                                                                        وقرأ ابن عامر وعاصم من رواية ابن عباس : (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال) وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة : (قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود) بمعنى: قتلتهم النار.

                                                                                                                                                                                                                                        فأما ما حكاه أبو عبيد ، عن ابن عامر وأهل الشام فلا يجوز في كلام ولا شعر، وإنما أجاز النحويون التفريق بين المضاف والمضاف إليه في الشعر بالظرف؛ لأنه لا يفصل، فأما بالأسماء غير الظروف فلحن، وأما ما حكاه غير أبي [ ص: 99 ] عبيد - وهي القراءة الرابعة - فهو جائز على أن تبدل (شركاؤهم) من (أولادهم) لأنهم شركاؤهم في النسب والميراث (ليردوهم) لام كي وليلبسوا عليهم دينهم أي يأمرونهم بالباطل فيصير الحق مغطى عليه، فبهذا يلبسون.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية