الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
7153 7154 ص: ففي هذه الأخبار nindex.php?page=treesubj&link=17359إباحة الكي للداء المذكور فيها ، وفي الآثار الأول النهي عن الكي ، فاحتمل أن يكون المعنى الذي كانت له الإباحة في هذه الآثار غير المعنى الذي كان له النهي في الآثار الأول ; وذلك أن قوما كانوا يكتوون قبل نزول البلاء بهم يرون أن ذلك يمنع البلاء أن ينزل بهم كما يفعل الأعاجم ، فهذا مكروه ; لأنه ليس على طريق العلاج ، وهو شرك ; ؛ لأنهم يفعلونه لدفع قدر الله عنهم ، فأما ما كان بعد نزول البلاء إنما يراد به العلاج ، والعلاج مباح مأمور به ، وقد بين ذلك جابر بن عبد الله في حديث رواه عن رسول الله -عليه السلام - :
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15551أبو بكرة ، قال : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=14797أبو عامر العقدي ، قال : ثنا عبد الرحمن بن سليمان ، عن عاصم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، أن النبي -عليه السلام - قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=695019nindex.php?page=treesubj&link=17338_17375_17359إن يكن في شيء من أدويتكم هذه خير ففي شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو [لذعة] نار توافق داء ، وما أحب أن أكتوي " . .
[ ص: 159 ] فإذا كان في هذا الحديث أن لذعة النار التي توافق الداء مباحة ، والكي مكروه ، وكانت اللدغة بالنار كية ; ثبت أن الكي الذي يوافق الداء مباح ، وأن الكي الذي لا يوافق الداء مكروه .
ش: أراد بهذه الأخبار : أحاديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك وبعض أصحاب النبي -عليه السلام - ، وأشار بهذا الكلام إلى بيان وجه التوفيق بين أحاديث الفصلين ; لأن أحاديث الفصل الأول تنهى عن الكي ، وأحاديث الفصل الثاني تبيحه ، فبينهما تعارض ظاهرا ، وجه التوفيق بينها أن يقال : إن المعنى الذي أبيح بسببه الكي غير المعنى الذي نهي عنه من جهة مختلفة ، فاندفع التعارض ; لأن من شرط التعارض اتحاد الجهة ، وقد بين nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ذلك .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي -رحمه الله - : nindex.php?page=treesubj&link=17359الكي من العلاج الذي يعرفه العامة والخاصة ، والعرب تستعمل الكي كثيرا فيما يعرض لها من الأدواء ، ومن أمثالهم : آخر الطب : الكي .
فأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران في النهي عنه فقد يحتمل وجوها :
أحدها : أن يكون من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره ويقولون : آخر الدواء الكي ، ويريدون أنه يحسم الداء ، وإذا لم يفعل ذلك عطب صاحبه وهلك ، فنهاهم عن ذلك إذا كان على هذا الوجه ، وأباح لهم استعماله على معنى التوكل على الله سبحانه ، وطلب الشفاء ، والترقي للبرء وما يحدث الله من صنعه فيه ، وتخلفه من الشفاء على إثره ، وهو أمر قد يكثر شكوك الناس فيه وتخطئ فيه ظنونهم وأوهامهم ، فما أكثر ما تسمعهم يقولون : لو أقام فلان في أرضه وبلده لم يهلك ، ولو شرب الدواء لم يهلك ، ونحو ذلك من تجريد إضافة الأمور إلى الأسباب دون تسليط القضاء علينا ، فتكون الأسباب أمارات لتلك الكوائن لا موجبات لها ; قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وقال حكاية عن الكفار : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=156لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا
[ ص: 160 ] وفيه وجه آخر : وهو أن يكون نهيه عن الكي : هو أن يفعله احترازا عن الداء قبل وقوع الضرورة ونزول البلية ، وذلك مكروه ، وإنما أبيح nindex.php?page=treesubj&link=17257_1973_17256_17260العلاج والتداوي عند وقوع الحاجة والضرورة إليه ، ألا ترى أنه كوى nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا حين حاق عليه الهلاك من النزف ؟ وقد يحتمل أن يكون إنما نهى nindex.php?page=showalam&ids=40عمران خاصة عن الكي في علة بعينها لعلمه أنه لا ينجع ، ألا تراه يقول : "ما أفلحنا ولا أنجحنا " وقد كان به الناسور ، ولعله إنما نهاه عن استعمال الكي في موضعه من البدن ، والعلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورا ، والكي في بعض الأعضاء يعظم خطره وليس ذلك في بعض الأعضاء ، فيشبه أن يكون [النهي] منه صرفا إلى النوع المخوف منه . والله أعلم .
قوله : "وقد بين ذلك " أي ما ذكرنا من أن nindex.php?page=treesubj&link=17359الكي بعد نزول البلاء لإرادة العلاج والتداوي ; مباح مأمور به .
وأخرجه بإسناد صحيح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15551أبي بكرة بكار القاضي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14797أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن عبد الرحمن بن سليمان -هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة بن راهب المدني ، روى له الجماعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري المدني ، روى له الجماعة .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : عن nindex.php?page=showalam&ids=12180أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : سمعنا النبي -عليه السلام - يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=655251 "إن كان في شيء من أدويتكم -أو يكون في شيء من أدويتكم - خير ففي شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو لدغة بنار توافق الداء ، وما أحب أن أكتوي " .
ش: أراد بهذه الأخبار : أحاديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك وبعض أصحاب النبي -عليه السلام - ، وأشار بهذا الكلام إلى بيان وجه التوفيق بين أحاديث الفصلين ; لأن أحاديث الفصل الأول تنهى عن الكي ، وأحاديث الفصل الثاني تبيحه ، فبينهما تعارض ظاهرا ، وجه التوفيق بينها أن يقال : إن المعنى الذي أبيح بسببه الكي غير المعنى الذي نهي عنه من جهة مختلفة ، فاندفع التعارض ; لأن من شرط التعارض اتحاد الجهة ، وقد بين nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ذلك .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي -رحمه الله - : nindex.php?page=treesubj&link=17359الكي من العلاج الذي يعرفه العامة والخاصة ، والعرب تستعمل الكي كثيرا فيما يعرض لها من الأدواء ، ومن أمثالهم : آخر الطب : الكي .
فأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران في النهي عنه فقد يحتمل وجوها :
أحدها : أن يكون من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره ويقولون : آخر الدواء الكي ، ويريدون أنه يحسم الداء ، وإذا لم يفعل ذلك عطب صاحبه وهلك ، فنهاهم عن ذلك إذا كان على هذا الوجه ، وأباح لهم استعماله على معنى التوكل على الله سبحانه ، وطلب الشفاء ، والترقي للبرء وما يحدث الله من صنعه فيه ، وتخلفه من الشفاء على إثره ، وهو أمر قد يكثر شكوك الناس فيه وتخطئ فيه ظنونهم وأوهامهم ، فما أكثر ما تسمعهم يقولون : لو أقام فلان في أرضه وبلده لم يهلك ، ولو شرب الدواء لم يهلك ، ونحو ذلك من تجريد إضافة الأمور إلى الأسباب دون تسليط القضاء علينا ، فتكون الأسباب أمارات لتلك الكوائن لا موجبات لها ; قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وقال حكاية عن الكفار : nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=156لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا
[ ص: 160 ] وفيه وجه آخر : وهو أن يكون نهيه عن الكي : هو أن يفعله احترازا عن الداء قبل وقوع الضرورة ونزول البلية ، وذلك مكروه ، وإنما أبيح nindex.php?page=treesubj&link=17257_1973_17256_17260العلاج والتداوي عند وقوع الحاجة والضرورة إليه ، ألا ترى أنه كوى nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا حين حاق عليه الهلاك من النزف ؟ وقد يحتمل أن يكون إنما نهى nindex.php?page=showalam&ids=40عمران خاصة عن الكي في علة بعينها لعلمه أنه لا ينجع ، ألا تراه يقول : "ما أفلحنا ولا أنجحنا " وقد كان به الناسور ، ولعله إنما نهاه عن استعمال الكي في موضعه من البدن ، والعلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورا ، والكي في بعض الأعضاء يعظم خطره وليس ذلك في بعض الأعضاء ، فيشبه أن يكون [النهي] منه صرفا إلى النوع المخوف منه . والله أعلم .
قوله : "وقد بين ذلك " أي ما ذكرنا من أن nindex.php?page=treesubj&link=17359الكي بعد نزول البلاء لإرادة العلاج والتداوي ; مباح مأمور به .
وأخرجه بإسناد صحيح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15551أبي بكرة بكار القاضي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14797أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن عبد الرحمن بن سليمان -هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة بن راهب المدني ، روى له الجماعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري المدني ، روى له الجماعة .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : عن nindex.php?page=showalam&ids=12180أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : سمعنا النبي -عليه السلام - يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=655251 "إن كان في شيء من أدويتكم -أو يكون في شيء من أدويتكم - خير ففي شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو لدغة بنار توافق الداء ، وما أحب أن أكتوي " .