الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          نواقض الوضوء : وقد علم من الآية بطريق الكناية أن الحدث ، الذي يكون في الغائط ، ينقض الوضوء ; فلا تحل الصلاة ، بعده إلا لمن توضأ ، وذلك الحدث : هو خروج شيء من أحد السبيلين ; القبل والدبر ، وظاهر الآية أن الذي ينقض هو الذي يخرج في محل التخلي ( قضاء الحاجة ) الذي عبر عنه بالغائط ، فلا يدخل فيه الريح والمذي اللذان يخرجان في كل مكان ، ولكن ثبت في السنة نقض الوضوء بهما ، وصح الحديث في أن الريح الذي يخرج من الدبر ، يعتبر في نقضه للوضوء ، أن يسمع له صوت ، أو تشم له رائحة . روى أحمد والترمذي وصححه ، وابن ماجه ، من حديث أبي هريرة : " لا وضوء إلا من صوت أو ريح " أي رائحة . قال البيهقي : هذا حديث ثابت ، وقد اتفق الشيخان على إخراج معناه من حديث عبد الله بن زيد ، فما يحس الإنسان بخروجه منه لا يسمع له صوتا ، ولا يجد له رائحة لا يعتد به ، وإن كان في الصلاة . وقد روي الحديث بلفظ " إذا كان أحدكم في الصلاة ، فوجد ريحا من نفسه ، فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا " الريح الثانية : الرائحة ، والعمدة : اليقين بأنه خرج منه شيء .

                          واختلف العلماء في النقض بخروج الدم من البدن بجرح ، أو حجامة ، أو رعاف . قيل : ينقض مطلقا ، وقيل : لا مطلقا ، وقيل : ينقض كثيره دون قليله ، ولا يصح في ذلك حديث يحتج به مع توفر الدواعي على نقله ; لكثرة من كان يجرح من المسلمين في القتال ، دع الحجامة وسائر الجروح والدمامل ، بل روى أبو داود ، وابن خزيمة ، والبخاري تعليقا ، أن عباد بن بشر أصيب بسهام وهو يصلي ، فاستمر في صلاته ، ولم ينقل أن النبي ، صلى الله [ ص: 211 ] عليه وسلم أمره بإعادة الصلاة ، ولا بالوضوء من ذلك ، ويبعد ألا يطلع على ذلك . وصح عن جماعة من الصحابة ترك الوضوء من يسير الدم .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية