الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1359 (باب في النظائر التي يقرأ سورتين في ركعة)

                                                                                                                              وقال النووي : (باب ترتيل القراءة، واجتناب الهذ، وهو الإفراط في السرعة، وإباحة سورتين فأكثر في ركعة) .

                                                                                                                              [ ص: 92 ] (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 106 - 107 ج6 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [حدثنا شيبان بن فروخ. حدثنا مهدي بن ميمون. حدثنا واصل الأحدب عن أبي وائل. قال: غدونا على عبد الله بن مسعود يوما بعد ما صلينا الغداة. فسلمنا بالباب. فأذن لنا. قال: فمكثنا بالباب هنية. قال: فخرجت الجارية. فقالت: ألا تدخلون؟ فدخلنا فإذا هو جالس يسبح. فقال: ما منعكم أن تدخلوا وقد أذن لكم؟ فقلنا: لا إلا أنا ظننا أن بعض أهل البيت نائم. قال: ظننتم بآل ابن أم عبد غفلة؟ قال: ثم أقبل يسبح حتى ظن أن الشمس قد طلعت. فقال: يا جارية! انظري. هل طلعت؟ قال: فنظرت فإذا هي لم تطلع. فأقبل يسبح. حتى إذا ظن أن الشمس قد طلعت. قال يا جارية! انظري هل طلعت؟ فنظرت فإذا هي قد طلعت، فقال: الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا. (فقال مهدي: وأحسبه قال) : ولم يهلكنا بذنوبنا. قال: فقال رجل من القوم: قرأت المفصل البارحة كله. قال: فقال عبد الله: هذا كهذ الشعر؟ إنا لقد سمعنا القرائن. وإني لأحفظ القرائن التي كان يقرؤهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثمانية عشر من المفصل، وسورتين من آل حم ].

                                                                                                                              [ ص: 93 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 93 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي وائل قال: غدونا على عبد الله بن مسعود يوما بعد ما صلينا الغداة، فسلمنا بالباب، فأذن لنا. قال: فمكثنا بالباب هنية) بتشديد الياء غير مهموز.

                                                                                                                              (قال فخرجت الجارية، فقالت: ألا تدخلون؟ فدخلنا فإذا هو جالس يسبح. فقال: ما منعكم أن تدخلوا وقد أذن لكم؟ فقلنا: لا. إلا أنا ظننا أن بعض أهل البيت نائم) .

                                                                                                                              أي: لا مانع لنا إلا أن توهمنا أن بعض أهل البيت نائم فنزعجه.

                                                                                                                              ومعنى "ظننا": توهمنا وجوزنا. لا أنهم أرادوا: الظن المعروف للأصوليين، وهو رجحان الاعتقاد.

                                                                                                                              وفي هذا الحديث مراعاة الرجل لأهل بيته، ورعيته، في أمور دينهم.

                                                                                                                              (قال: ظننتم بآل ابن أم عبد غفلة؟ قال: ثم أقبل يسبح حتى ظن أن الشمس قد طلعت فقال: يا جارية! انظري هل طلعت؟ قال: فنظرت فإذا هي لم تطلع. فأقبل يسبح، حتى إذا ظن أن الشمس قد طلعت قال: يا جارية! انظري. هل طلعت) ؟.

                                                                                                                              [ ص: 94 ] "فيه": قبول خبر الواحد، وخبر المرأة، والعمل بالظن مع إمكان اليقين.

                                                                                                                              لأنه عمل بقولها وهو مفيد للظن، مع قدرته على رؤية الشمس.

                                                                                                                              (فنظرت، فإذا هي قد طلعت، فقال: الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا [فقال مهدي: وأحسبه قال:] ولم يهلكنا بذنوبنا. قال: فقال رجل من القوم: قرأت المفصل البارحة كله) .

                                                                                                                              معناه: أن الرجل أخبر بكثرة حفظه وإتقانه.

                                                                                                                              (قال: فقال عبد الله: هذا كهذ الشعر ؟) .

                                                                                                                              الهذ. بتشديد الذال. هو شدة الإسراع، والإفراط في العجلة.

                                                                                                                              "ففيه" النهي عن الهذ. والحث على الترتيل والتدبر. وبه قال جمهور أهل العلم.

                                                                                                                              قال القاضي: وأباحت طائفة قليلة: الهذ.

                                                                                                                              وقوله: (كهذ الشعر) ، معناه: في تحفظه وروايته، لا في إنشاده وترنمه، لأنه يرتل في الإنشاد والترنم في العادة.

                                                                                                                              (إنا لقد سمعنا القرائن، وإني لأحفظ القرائن التي كان يقرؤهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثمانية عشر من المفصل، وسورتين من آل حم) .

                                                                                                                              يعني: من السور التي أولها "حم". كقولك: فلان من آل فلان.

                                                                                                                              [ ص: 95 ] قال القاضي: ويجوز أن يكون المراد "حم" نفسها. كما قال في الحديث: (من مزامير آل داود) . أي: داود نفسه.

                                                                                                                              "وفيه": دليل على أن المفصل ما بعد (آل حم) .

                                                                                                                              وفي رواية: (إني لأعلم النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن: سورتين في كل ركعة) .

                                                                                                                              وفسرها في رواية أخرى، فقال: (عشرون سورة، في عشر ركعات من المفصل) ، ولا تعارض فيه، لأن المراد: معظم العشرين من المفصل.

                                                                                                                              قال أهل العلم: أول القرآن: السبع الطوال، ثم ذوات المئين، وهو ما كان في السورة منها مائة آية، ونحوها. ثم المثاني، ثم المفصل.

                                                                                                                              وفي أول المفصل خلاف؛

                                                                                                                              فقيل: من القتال.

                                                                                                                              وقيل: من الحجرات.

                                                                                                                              وقيل: من قاف.

                                                                                                                              "وفيه": جواز سورتين في ركعة.

                                                                                                                              وسمي مفصلا لقصر سوره، وقرب انفصال بعضهن من بعض.




                                                                                                                              الخدمات العلمية