الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : ولا يشرب من لبنها إلا الفضل عن ولدها ، ولا ما ينهك لحمها ، ولو تصدق به كان أحب إلي .

                                                                                                                                            قال الماوردي : يجوز حلاب الأضحية وشرب لبنها ، وقال أبو حنيفة : لا يجوز حلابها ، وينضح الماء على ضرعها حتى يذهب لبنها ، كما لا يجوز جزاز صوفها ، ودليلنا ما قدمناه عن علي عليه السلام ، ولأن ترك لبنها مضر بها .

                                                                                                                                            ولأنه يستخلف إن حلب فكان في تركه إضاعة له ، فإن لم تكن ذات ولد حلب جميع لبنها من غير استقصاء مضر ، فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : دعوا داعي اللبن يعني إبقاء يسيرا يصير به داعية كثيرا ، وإن كانت ذات ولد وجب عليه أن يمكنه منها حتى يرتوي من لبنها كما كان عليه تمكين الأم من علفها ، ثم لا يخلو حاله بعد تمكينه منه من ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون بقدر ريه من غير فضل ولا نقصان ، فلا يجوز أن يحلب من لبنها شيئا لاستحقاقه في ري الولد .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون أقل من ريه ، فعليه بعد تمكينه من لبنها أن يسقيه بعد ريه من غيرها .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يكون أكثر من ريه ، فعليه أن يخلي بينه وبين ريه ، ثم يحتلب الفاضل عن ريه ، فإذا احتلب اللبن فالأولى به والأفضل أن يتصدق بجميعه ، فإن لم يتصدق بجميعه فالأفضل بعده أن يسلك به مسلك اللحم فيشرب منه ويسقي غيره ، فإن [ ص: 109 ] لم يفعل وشرب جميعه جاز وإن كرهناه : لأن بقاء لحمها نسخ وتقدم الانتفاع بها مكروه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية