الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وليس للراهن أن يزرع الأرض المرهونة ; لأن ذلك انتفاع منه بالمرهون وهو ممنوع من ذلك عندنا بحق المرتهن ، وكذلك لا يؤاجرها ; لأنه لما منع من الانتفاع بنفسه ، فلأن يمنع من تمليك منفعتها من غيره ببدل أولى ، وهذا ; لأنه بالإجارة يوجب للغير حقا لازما ، وفي تصحيحها إبطال حق المرتهن في استدامة اليد ، فإن فعل ذلك ، فالأجر له ; لأنه وجب بعقده بدلا عن منفعة مملوكة له ، وكذلك المرتهن لا يزرعها ; لأن الملك فيها لغيره فلا يزرعها ولا يؤاجرها بغير إذنه ، فإن فعل ذلك ضمن ما نقص من الأرض وتصدق بالأجر إن أجر ، ويفصل الزرع أما ضمان النقصان ، فلأنه بالزراعة متلف [ ص: 164 ] جزءا منها .

وأما التصدق فلأنه فصل حصل له من ملك الغير بسبب حرام شرعا ، ولو أذن له الراهن في الإجارة ففعل ، أو سلم المرتهن للراهن أن يؤاجر أو يرهن ففعل خرجت من الرهن ، ولا يعود فيه ; لأن الإجارة عقد لازم من الجانبين ويستحق به تسليم العين ، والرهن يتعلق به اللزوم في جانب الراهن وقد بينا : أن الشيء ينقصه ما هو مثله أو أقوى منه فمن ضرورة نفوذ العقد الثاني بطلان الرهن الأول ، ولو أعادها بإذن الراهن وقبضها المستعير خرجت من الرهن ما دامت في يد المستعير ، ولم يرد به خروجها من العقد ، وإنما أراد خروجها من الضمان الثابت بيد المرتهن ; لأن يد المستعير يد نفسه ، ولهذا يتقرر عليه ضمان الاستحقاق ، وتلزمه مؤنة الرد فباعتباره لا تبقى يد المرتهن ، وضمان الراهن باعتبار يد المرتهن ، فأما عقد الرهن فباق ; لأن الإعارة لا توجب حقا لازما للمستعير ، والشيء لا ينقصه ما هو دونه ، فلهذا لا يبطل الحق الثابت للمرتهن ، فيكون له أن يستردها متى شاء .

ولو كانت جارية فولدت في يد المستعير كان الولد رهنا معها ، وللمرتهن أن يستردهما لما ، قلنا وكذلك إن زرع المستعير الأرض بإذنهما فالإعارة لا تلزم بعد الزراعة ، كما كان قبلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية