الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4093 - وعن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : قلنا : يا رسول الله ! ننحر الناقة ، ونذبح البقرة والشاة ، فنجد في بطنها الجنين ، أنلقيه أم نأكله ؟ قال : " كلوه إن شئتم ، فإن ذكاته ذكاة أمه " . رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه .

التالي السابق


4093 - ( وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قلنا : يا رسول الله ! ننحر ) أي : نحن ( الناقة ، ونذبح البقرة والشاة ) : فيه أن السنة في الإبل النحر وهو قطع موضع القلادة من الصدر وفي البقرة والشاة الذبح وهو في الحلق . قال الشمني : ندب نحر الإبل وهو قطع العروق في أسفل العنق عند الصدر ؛ لأنه فيها أيسر ; لأن العروق مجتمعة لها في المنحر ، وكره ذبحها ; لأنه خلاف السنة ، وإنما حصل لحصول المقصود وهو تسييل الدم والإعجال ، والبقر والغنم عكسه فندب ذبحها ; لأن الذبح فيها أيسر وعروق الذبح فيها مجتمعة في المذبح ، وكره نحرها ; لأنه خلاف السنة وحل لحصول المقصود منه . ( فنجد ) أي : أحيانا ( في بطنها ) أي : المذكورات ( الجنين ) أي : الميت ، ويحتمل الإطلاق ومع وجود الاحتمال لا يتم الاستدلال . ( أنلقيه ) أي : حتى يموت ، أو لأنه ميت ( أم نأكله ؟ ) : بأن نذبحه ، أو نكتفي بذبح أمه ؟ ( قال : كلوه ) : الأمر للإباحة لقوله : ( إن شئتم ) : والظاهر أن وجه ترددهم هو أن الجنين هل يحل ذبحه أم لا نظرا إلى الرحمة والشفقة عليه لكونه صغيرا ؟ وحاصل الجواب : أنه لا فرق بين الجنين وأمه في الذكاة ; لأن كلا منهما ذات روح ، وقد أحلهما الله لنا بالذبح ، وإلا فالمتبادر من كونه أن لا يحل أكله لشموله لقوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) فلا وجه لسؤالهم حينئذ ، وأيضا لو كان حلالا ما خيرهم فإن في عدم أكله إضاعة المال وهو منهي عنه ، فإن قيل : لو لم يحل أكله بذكاة أمه لما حل ذبح أمه ; لأن في ذبحها إضاعته أجيب : بأن موته ليس بمتيقن ، بل يرجى إدراكه فيذبح فلا يحرم ذبح أمه . ( فإن ذكاته ذكاة أمه ) : الكلام فيه كما سبق ( رواه أبو داود ، وابن ماجه ) .

[ ص: 2658 ]



الخدمات العلمية