الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير

                                                                                                                                                                                                        4271 حدثنا محمد حدثنا النفيلي حدثنا مسكين عن شعبة عن خالد الحذاء عن مروان الأصفر عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن عمر أنها قد نسخت وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه الآية

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب قوله تعالى وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه الآية )

                                                                                                                                                                                                        كذا لأبي ذر ، وساق غيره الآية إلى ( قدير ) .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا محمد ) كذا للأكثر ، وبه صرح الإسماعيلي وأبو نعيم وغيرهما ، ووقع لأبي علي بن السكن عن الفربري عن البخاري " حدثنا النفيلي " فأسقط ذكر محمد المهمل والصواب إثباته ، ولعل ابن السكن ظن أن محمدا هو البخاري فحذفه ، وليس كذلك لما ذكرته ، وذكر أبو علي الجياني أنه وقع محذوفا في رواية أبي محمد الأصيلي عن أبي أحمد الجرجاني وأشار إلى أن الصواب إثباته انتهى . وكلام أبي نعيم في " المستخرج " يقتضي أنه في روايته عن الجرجاني ثابت وقد ثبت في رواية النسفي عن البخاري أيضا ، واختلف فيه فقال الكلاباذي : هو ابن يحيى الذهلي فيما أراه ، قال : وقال لي الحاكم : هو محمد بن إبراهيم البوشنجي ، قال : وهذا الحديث مما أملاه البوشنجي بنيسابور انتهى . وذكر الحاكم هذا الكلام في تاريخه عن شيخه أبي عبد الله بن الأخرم ، وكلام أبي نعيم يقتضي أنه محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي فإنه أخرجه من طريقه ، ثم قال : أخرجه البخاري عن محمد عن النفيلي ، والنفيلي بنون وفاء مصغر اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل يكنى [ ص: 54 ] أبا جعفر ، وليس له في البخاري ولا لشيخه مسكين بن بكير الحراني إلا هذا الحديث الواحد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا شعبة ) قال أبو علي الجياني : وقع في رواية أبي محمد الأصيلي عن أبي أحمد " حدثنا مسكين وشعبة " وكتب بين الأسطر : أراه حدثنا شعبة ، قال أبو علي : وهذا هو الصواب لا شك فيه ، ومسكين هذا إنما يروي عن شعبة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن مروان الأصفر ) تقدم ذكره في الحج وأنه ليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد وآخر في الحج .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو ابن عمر ) لم يتضح لي من هو الجازم بأنه ابن عمر ، فإن الرواية الآتية بعد هذه وقعت بلفظ " أحسبه ابن عمر " وعندي في ثبوت كونه ابن عمر توقف لأنه ثبت أن ابن عمر لم يكن اطلع على كون هذه الآية منسوخة ، فروى أحمد من طريق مجاهد قال : دخلت على ابن عباس فقلت : كنت عند ابن عمر فقرأ ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه فبكى ، فقال ابن عباس : إن هذه الآية لما أنزلت غمت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غما شديدا وقالوا : يا رسول الله هلكنا ، فإن قلوبنا ليست بأيدينا . فقال : قولوا سمعنا وأطعنا ، فقالوا ، فنسختها هذه الآية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وأصله عند مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس دون قصة ابن عمر " وأخرج الطبري بإسناد صحيح عن الزهري أنه سمع سعيد ابن مرجانة يقول : كنت عند ابن عمر فتلا هذه الآية وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه فقال : والله لئن واخذنا الله بهذا لنهلكن ، ثم بكى حتى سمع نشيجه ، فقمت حتى أتيت ابن عباس فذكرت له ما قال ابن عمر وما فعل حين تلاها ، فقال : يغفر الله لأبي عبد الرحمن ، لعمري لقد وجد المسلمون حين نزلت مثل ما وجد ، فأنزل الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال " لما نزلت لله ما في السماوات وما في الأرض الآية اشتد ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فذكر القصة مطولا وفيها " فلما فعلوا نسخها الله فأنزل الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى آخر السورة ، ولم يذكر قصة ابن عمر . ويمكن أن ابن عمر كان أولا لا يعرف القصة ثم لما تحقق ذلك جزم به فيكون مرسل صحابي ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية