الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              هذه الآية نزلت في عائشة - رضي الله عنها -، ذكره ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن ابن أبي مليكة. وقال عبيدة: هو الحب والجماع .

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى الآية: ولن تطيقوا أيها الرجال أن تسووا بين نسائكم في حبهن بقلوبكم، حتى تعدلوا بينهن في ذلك; لأن ذلك مما لا تملكونه، ولو حرصتم في تسويتكم بينهن في ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن عباس: لا تستطيع أن تعدل بالشهوة فيما بينهن ولو حرصت .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن المنذر: ودلت هذه الآية أن التسوية بينهن في المحبة غير واجبة. وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عائشة أحب إليه من غيرها من أزواجه، فلا تميلوا كل الميل بأهوائكم حتى يحملكم ذلك أن تجوروا في القسم على الذين لا تحبون.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: فتذروها كالمعلقة يعني: لا أيم، ولا ذات بعل وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما [النساء: 129] يقول: وإن تصلحوا فيما بينكم وبينهن بالاجتهاد منكم في العدل بينهن وتتقوا

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 74 ] الميل فيهن، فإن الله غفور ما عجزت عنه طاقتكم من بلوغ الميل منكم فيهن. وقد روى أصحاب السنن الأربعة من حديث عائشة - رضي الله عنها -، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم فيعدل ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك; فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني: القلب. إسناده على شرط مسلم، كما أفصح به الحاكم. وذكر الترمذي والنسائي أنه روي مرسلا، وذكر الترمذي أن المرسل أصح. وأما ابن حبان فصحح الأول، كما حكم الحاكم .

                                                                                                                                                                                                                              وأخرج أصحاب السنن الأربعة أيضا من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل" قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث همام بن يحيى . قلت: هو ثقة بالإجماع، لا جرم صححه ابن حبان، وكذا الحاكم على شرط الشيخين .

                                                                                                                                                                                                                              قال الطحاوي: وكأن معنى هذا الحديث عندنا على الميل إليها بغير إذن صاحبتها له في ذلك، فأما إذا أذنت له في ذلك وأباحته فليس يدخل في هذا المعنى، كما فعلت سودة حين وهبت يومها لعائشة; لأن حقها إنما تركته بطيب نفسها، فهي في حكمها لو لم يكن له امرأة غيرها.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية