الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة ، ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ولا عشر عليهم ، وعنه : عليهم عشران يسقط أحدهما بالإسلام .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ويجتمع العشر والخراج في كل أرض فتحت عنوة ) ، وكل أرض خراجية ، نص عليه للعموم ، فالخراج في رقبتها ، والعشر في غلتها ؛ ولأن سبب الخراج التمكين من النفع لوجوبه ، وإن لم يزرع ، وسبب العشر الزرع ، كأجرة المتجر مع زكاة التجارة ، ولأنها بسببين مختلفين لمستحقين ، فجاز اجتماعهما كالجزاء والقيمة في الصيد المملوك ، والحديث المروي : " لا يجتمع العشر والخراج في أرض مسلم " . ضعيف جدا . قال ابن حبان : ليس هذا الحديث من كلام النبوة ، ثم يحمل على الخراج الذي هو الجزية ( ولو كان عقوبة لما وجب على مسلم كالجزية ، وشرطه أن يكون لمسلم . قال أحمد : ليس في أرض أهل الذمة صدقة ، وظاهره أنهما لا يجتمعان في أرض الصلح .

                                                                                                                          تذنيب : الأرض الخراجية : ما فتح عنوة ، ولم تقسم ، وما جلا عنها أهلها خوفا منا ، وما صولحوا عليها على أنها لنا ، ونقرها معهم بالخراج ، والعشرية عند أحمد وأصحابه : ما أسلم أهلها عليها ، نقله حرب كالمدينة ونحوها ، وما اختطه المسلمون كالبصرة ، وما صولح أهله على أنه لهم بخراج يضرب عليهم كأرض اليمن ، وما فتح عنوة وقسم ، كنصف خيبر ، وما أقطعه الخلفاء الراشدون من السواد إقطاع تمليك .

                                                                                                                          [ ص: 354 ] فرع : لا زكاة في قدر الخراج إذا لم يكن له مال آخر ؛ لأنه من الأرض كنفقة زرعه ، ومتى لم يكن له سوى غلة الأرض ، وفيها ما لا زكاة فيه كالخضراوات ، جعل ما لا زكاة فيه في معاملة الخراج ؛ لأنه أحوط للفقراء ، ولا ينقص النصاب بمؤنة حصاد ودياس وغيرهما منه لسبق الوجوب ، ( ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية ) في رواية ، وقالها الأكثر ؛ لأنها مال مسلم يجب الحق فيها للفقراء ، فلم يمنع من بيعها لذمي كالسائمة ، واقتصر جمع كالمؤلف على الجواز ، ومنهم من قال : يكره ، نص عليه ، وعنه : يمنعون من شرائها ، اختارها الخلال وصاحبه ، فعليها يصح ، جزم به الأصحاب ، وحكى أحمد عن الحسن وعمر بن عبد العزيز : يمنعون من الشراء ، فإن اشتروا ، لم يصح نقل عدم المنع ( ولا عشر عليهم ) ؛ لأنه زكاة ، فلا يجب على ذمي كالسائمة ، وذكر القاضي في " شرحه " الصغير أنه يجب على الذمي غير التغلبي نصف العشر في إحدى الروايتين ، سواء اتجر بذلك أم لم يتجر به من ماله وثمرته وماشيته وعلى المنع ( وعنه : عليهم عشران ) ؛ لأن فيه تصحيح كلام المتعاقدين ، ودفع الضرر المؤبد عن الفقراء بوجوب الحق فيه ، وكان ضعف ما على المسلم ، كما يجب في الأموال التي يمرون بها على العاشر نصف العشر ضعف الزكاة ( يسقط أحدهما بالإسلام ) ، وكذا لو باعها مسلما ، فإنه يسقط عشر ، ويبقى عشر الزكاة للمستقبل ؛ لعموم الأخبار ، وقدم في " الفروع " أنهما يسقطان بالإسلام لسقوط جزية الرءوس وجزية الأرض ؛ وهو خراجها بالإسلام ، ولم يكن وقت الوجوب من أهل الزكاة ، وعنه : لا شيء عليهم ، قدمه بعضهم ، وعنه : عليهم عشر واحد ، ذكرها في " الخلاف " كما كان لتعلقه بالأرض كبقاء الخراج ، وظاهر ما سبق أنه يجوز إجارتها منه ، لكن يكره لإفضائه إلى [ ص: 355 ] إسقاط عشر الخارج منها ، وهذه الأرض لا تصير خراجية بما ذكرنا ؛ لأنها أرض عشر ، كما لو كان مشتريها مسلما ، ولا يجوز بقاء أرض بلا عشر ولا خراج بالاتفاق .




                                                                                                                          الخدمات العلمية