الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      492 حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد ح و حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال موسى في حديثه فيما يحسب عمرو إن النبي صلى الله عليه وسلم قال الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن أبي سعيد ) الخدري ( يحسب عمرو ) أي يظن ( الأرض كلها مسجد ) أي يجوز السجود فيها من غير كراهة ( إلا الحمام والمقبرة ) المقبرة وهي المحل الذي يدفن فيه الموتى ، والحمام بتشديد الميم الأولى هو الموضع الذي يغتسل فيه بالحميم ، وهو في الأصل الماء الحار ، ثم قيل : للاغتسال بأي ماء كان . وحكمة المنع من الصلاة في المقبرة . قيل : هو ما تحت المصلي من النجاسة ، وقيل لحرمة الموتى ، وحكمة المنع من الصلاة في الحمام أنه يكثر فيه النجاسات ، وقيل : إنه مأوى الشيطان . قال الخطابي : واختلف أهل العلم في تأويل هذا الحديث ، فقال الشافعي : إذا كانت [ ص: 121 ] المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم لم تجز الصلاة فيها للنجاسة ، فإن صلى الرجل في مكان طاهر منها أجزأته صلاته ، قال : وكذلك الحمام إذا صلى في موضع نظيف منه طاهر فلا إعادة عليه . وعن مالك بن أنس قال : لا بأس بالصلاة في المقبرة . وقال أبو ثور : لا يصلى في حمام ولا في مقبرة على ظاهر الحديث . وكان أحمد وإسحاق يكرهان ذلك ورويت الكراهية فيه عن جماعة من السلف . واحتج بعض من لم يجز الصلاة في المقبرة وإن كانت طاهرة التربة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها مقابر قال : فدل على أن المقبرة ليست بمحل للصلاة . انتهى . قلت : وذهب الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة إلى كراهة الصلاة في المقبرة ، ولم يفرقوا كما فرق الشافعي وهو الأشبه ، وأما ما ذهب إليه مالك فالأحاديث ترد عليه . قال المنذري : والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه . وروي هذا الحديث مسندا ومرسلا . وقال الترمذي : وهذا حديث فيه اضطراب ، وذكر أن سفيان الثوري أرسله . قال : وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت وأصح .

                                                                      باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل




                                                                      الخدمات العلمية