الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 41 ] فإن قلت: إن نفس الذات هو نفس أن يعلم ويقدر، فهذه مكابرة للضرورة، فإن العلم ليس هو نفس العالم، ولا القدرة نفس القادر، وهذا أيضا متفق عليه بين المعتزلة وأهل الإثبات.

وأيضا فيكون حقيقة قولك: إن الذات متميزة تميزا تجب معه الذات، وأنت لو قلت: الذات أوجبت الذات - لم يصح، فكيف إذا كان تميزها هو الموجب لها؟ وإن قلت: ليس هذا هو هذا، فهذا قول الصفاتية، والعلم الذي يثبتونه هو قولك "أن تعلم" فإن أن والفعل هو بتأويل المصدر، فقول القائل: علم علما، وله علم، كقوله: هو موصوف بأن يعلم، وإذا قالوا: عالم بالعلم لا بذاته، لم يرد جمهورهم بذلك أن العلم هو أوجب صفة غير العلم، وهو كونه عالما، بل نفس علمه هو كونه عالما، فيقولون: عالم، بصفة له هي العلم، لا بذات مجردة عن العلم، ومعلوم أن ذاته هي الموجبة لكونه عالما، فلا ينازعون في أنه عالم بالذات، بمعنى أن ذاته أوجبت كونه عالما، وأنه نفسه مستغن عما يجعله عالما، وليس هناك شيء غيره جعله عالما.

التالي السابق


الخدمات العلمية