الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن المسلم للذمي وبالعكس لا حربي في داره ) قيد بداره لأن المستأمن كالذمي كما أفاده المنلا بحثا قلت وبه صرح الحدادي والزيلعي وغيرهما وسيجيء متنا في وصايا الذمي

التالي السابق


( قوله لا حربي في داره ) أي وإن أجازت الورثة لنهينا عن برهم بقوله تعالى { - إنما ينهاكم الله - } الآية فعدم الجواز لحق الشرع لا لحق الورثة ، بخلاف الورثة للوارث أو للأجنبي بما زاد على الثلث فإنه لحق الوراثة ، ولأن الحربي في داره كالميت في حقنا والوصية للميت باطلة ، ونص محمد في الأصل على عدم جواز الوصية للحربي صريحا وكذا في الجامع الصغير ، وذكر شراحه أن في السير الكبير ما يدل على الجواز ورده العلامة قاضي زاده بأن لفظ السير الكبير : لو أوصى مسلم لحربي والحربي في دار الحرب لا يجوز ، واعترضه في العزيمة بأن ناقلي الجواز مؤتمنون في الأخذ والنقل ، وذكر العلامة جوي زاده أن مرادهم بما يدل على الجواز ما ذكره في شرح السير الكبير للسرخسي بقوله : لا بأس أن يصل الرجل المسلم المشرك قريبا كان أو بعيدا محاربا كان أو ذميا . واستدل عليه بأحاديث منها { أنه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة دينار إلى مكة حين قحطوا وأمر بدفع ذلك إلى أبي سفيان بن حرب وصفوان بن أمية ليفرقا على فقراء أهل مكة فقبل ذلك أبو سفيان وأبى صفوان } ، قال وبه نأخذ ولأن صلة الرحم محمودة عند كل عاقل وفي كل دين والإهداء إلى الغير من مكارم الأخلاق قال صلى الله عليه وسلم { بعثت لأتمم مكارم الأخلاق } فعرفنا أن ذلك حسن في حق المسلمين والمشركين جميعا ا هـ .

فالخلاف في جواز صلة الحربي وعدمه لا في جواز الوصية وعدمه ا هـ ملخصا وتمامه في الشرنبلالي . والحاصل : أن التعليل بأن الحربي كالميت اقتضى عدم جواز الوصية له والتعليل بالنهي اقتضى عدم جواز كل من الوصية والصلة ، وما في السير دل على جواز الصلة دون الوصية خلافا لما فهمه شراح الجامع ، فصار الخلاف في جواز الصلة فقط .

أقول : وقد رأيت نصي الإمام محمد على جواز الهدية حيث قال في موطئه في باب ما يكره من لبس الحرير والديباج ولا بأس أيضا بالهدية إلى المشرك المحارب ما لم يهد إليه سلاح أو درع ، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا ا هـ ( قوله لأن المستأمن كالذمي ) فإذا أوصى لمسلم أو ذمي بجميع ماله جاز كما مر ويأتي تمامه ( قوله كما أفاده المنلا ) في بعض النسخ المنلا خسرو




الخدمات العلمية