الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            994 - ( وعن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار } رواه الجماعة إلا البخاري ) .

                                                                                                                                            995 - ( وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يا بني عبد المطلب ، أو يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا يطوف بالبيت ويصلي ، فإنه لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا عند هذا البيت يطوفون ويصلون } رواه الدارقطني ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني وصححه الترمذي ورواه الدارقطني من وجهين آخرين عن جابر . قال الحافظ : وهو معلول فإن المحفوظ عن جبير لا عن جابر وقد عزا المصنف رحمه اللهحديث الباب إلى مسلم لأنه لم يستثن من الجماعة إلا البخاري وهو خطأ . قال الحافظ في التلخيص : عزا المجد بن تيمية حديث جبير لمسلم قال : رواه الجماعة إلا البخاري وهذا وهم منه تبعه عليه المحب الطبري ، فقال : رواه السبعة إلا البخاري . وابن الرفعة وقال : رواه مسلم ، وكأنه ، والله أعلم ، لما رأى ابن تيمية عزاه إلى الجماعة دون . البخاري اقتطع مسلما من بينهم واكتفى به عنهم ثم ساقه باللفظ الذي أورده ابن تيمية فأخطأ مكررا انتهى . والحديث الثاني أخرجه أيضا الطبراني وأبو نعيم في تاريخ أصبهان والخطيب في تلخيصه . قال ابن حجر في التلخيص : وهو معلول .

                                                                                                                                            وروى ابن عدي عن أبي هريرة حديث { لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس } وزاد في آخره { من طاف فليصل } أي حين طاف وقال : لا يتابع عليه . وكذا قال البخاري ، وقد استدل بحديثي الباب على جواز الطواف والصلاة عقيبه في أوقات الكراهة وإلى ذلك ذهب الشافعي والمنصور بالله وذهب الجمهور إلى العمل بالأحاديث القاضية بالكراهة على العموم ترجيحا ما اشتمل على الكراهة ، وأنت خبير بأن حديث جبير بن مطعم لا يصلح لتخصيص أحاديث النهي المتقدمة لأنه أعم منها من وجه وأخص من وجه ، وليس أحد العمومين أولى بالتخصيص من الآخر لما عرفت غير مرة .

                                                                                                                                            وأما حديث ابن عباس فهو صالح لتخصيص النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الفجر ، [ ص: 115 ] لكن بعد صلاحيته للاحتجاج وهو معلول كما تقدم .

                                                                                                                                            ويؤيده حديث أبي ذر عند الشافعي بلفظ { لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس إلا بمكة } وكرر الاستثناء ثلاثا . ورواه أيضا أحمد وابن عدي وفي إسناده عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف . وذكر ابن عدي هذا الحديث من جملة ما أنكر عليه . وقال البيهقي : تفرد به عبد الله ولكن تابعه إبراهيم بن طهمان وهو أيضا من رواية مجاهد عن أبي ذر . وقد قال أبو حاتم وابن عبد البر والبيهقي والمنذري وغير واحد : إنه لم يسمع منه . وقد رواه أيضا ابن خزيمة في صحيحه وقال : أنا أشك في سماع مجاهد من ذر ، وهذا الحديث إن صح كان دالا على جواز الصلاة في مكة العصر وبعد الفجر من غير فرق بين ركعتي الطواف وغيره من التطوعات التي لا سبب لها والتي لها سبب . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية