الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4145 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل أربع من الدواب : النملة ، والنحلة ، والهدهد ، والصرد . رواه أبو داود ، والدارمي .

التالي السابق


4145 - ( وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل أربع من الدواب : النملة ) : بالجر على البدلية ، وفي نسخة بالرفع ويجوز النصب ، وكذا قوله ( والنحلة ، والهدهد والصرد ) : بضم ففتح طائر ضخم الرأس والمنقار له ريش عظيم نصفه أبيض ونصفه أسود كذا في النهاية . قال الخطابي : إنما جاء النهي في قتل النملة عن نوع خاص منه وهو الكبار ذوات الأرجل الكبار ؛ لأنها قليلة الأذى والضرر ، وأما النحلة فلما فيها من المنفعة وهو العسل والشمع ، وأما الهدهد والصرد فلتحريم لحمهما لأن الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لاحترامه ولضرر فيه كان لتحريم لحمه ، ألا ترى أنه نهى عن قتل الحيوان لغير مأكلة ، ويقال : إن الهدهد منتن الريح فصار في معنى الجلالة ، والصرد يتشاءم به العرب ويتطير بصوته وشخصه ، فنهى عن قتله ليخلع عن قلوبهم ما ثبت فيها من اعتقادهم الشؤم . قلت : وفيه إشارة إلى ما ورد : اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت . ( رواه أبو داود ) : أي بإسناد صحيح على شرط الشيخين ( والدارمي ) : وكذا أحمد ، وابن ماجه وصححه عبد الحق ، وروى ابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - ولفظه : نهي عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد . وروى أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي في حياة الحيوان : الأصح تحريم أكل الصرد لهذا الحديث . وقيل : إنه يؤكل لأن الشافعي أوجب فيه الجزاء على المحرم إذا قتله ، وبه قال مالك . قال القرطبي : ويقال له الصرد الصوام ، وروينا في معجم عبد الباقي بن قانع عن أبي غليظ أمية بن خلف الجمحي قال : " رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى يدي صرد فقال " هذا أول طائر صام يوم عاشوراء " والحديث مثل اسمه غليظ . قال الحاكم : وهو من الأحاديث التي وضعها قتلة الحسين ، وهو حديث باطل ورواته مجهولون ، هذا وفي مستدرك الدارمي عن علي - رضي الله عنهما - أنه قال : كونوا في الناس كالنحلة في الطير ، ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها ، ولو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة ما فعلوا ذلك بها ، خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزايلوها بأعمالكم وقلوبكم ، وإن للمرء ما اكتسب ، وهو يوم القيامة مع من أحب ، والجمهور على أن العسل يخرج من أفواه النحل . وروي عن علي كرم الله وجهه أنه قال محقرا للدنيا : أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة ، [ ص: 2682 ] وأشرف شرابه رجيع نحلة ، وظاهر هذا أنه من غير الفم كذا نقله ابن عطية ، والمعروف عنه أنه قال : إنما الدنيا ستة أشياء : مطعوم ومشروب وملبوس ومركوب ومنكوح ومشموم ، وأشرف المطعومات العسل وهو مذقة ذباب ، وأشرف المشروبات الماء ويستوي فيه البر والفاجر ، واشرف الملبوسات الحرير وهو نسج دودة ، وأشرف المركوبات الفرس وعليها يقتل الرجال وأشرف المشمومات المسك وهو دم حيوان ، وأشرف المنكوحات المرأة وهو مبال في مبال قلت : ويمكن أن يقال : إن أشرف المشروبات اللبن ، وهو يخرج من بين فرث ودم ، وأشرف المركوبات الفرس ، و لم يفرق بين صديقه وعدوه حيث قيل : لا وفاء في السيف والفرس والمرأة ، وفي حياة الحيوان كره مجاهد قتل النحل ويحرم كلها ، وإن كان العسل حلا لأن الآدمية لبنها حلال ولحمها حرام ، وأباح بعض السلف أكله كالجراد ، والدليل على الحرمة نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن قتلها وفي الإبانة يكره بيع النحل وهو في الكواره ، صحيح إن رؤي جميعه وإلا فهو بيع غائب . وقال أبو حنيفة : لا يصح بيع النحل والزنبور وسائر الحشرات ، وأما النمل فما أحسن من قاله فيه :


اقنع فما تبقى بلا بلغة فليس ينسى ربنا نمله

إن أقبل الدهر فقم قائما
وإن تولى مدبرا نم له



وعن سفيان بن عيينة أنه قال : ليس شيء يخبئ قوته إلا الإنسان والنمل والفأر ، وبه جزم صاحب الإحياء في كتاب التوكل . قال البيهقي في الشعب : وكان عدي بن حاتم الطائي يفت الخبز للنمل ويقول : إنهن جارات ولهن علينا حق الجوار قلت : هو صحيح لكنهن مؤذيات وما يخلين لنا حلاوة في الدار ، وعن الفتح بن سجز الزاهدي أنه كان يفت الخبز لهن كل يوم ، فإذا كان يوم عاشوراء لم يأكله وفي حياة الحيوان يكره أكل ما حملت النمل بفيها وقوائمها ، لما روى الحافظ أبو نعيم في الطب النبوي ، عن صالح بن حوات بن جبير ، عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهي عن قتله ، وقال الخلال : وأخبرنا عبد الله عن أن يؤكل ما حملته النمل بفيها وقوائمها ويحرم أكل النمل الورود النهر بن الكوار ، حدثتني حبيبة مولاة الأحنف بن قيس ورآها تقتل نملة فقال : لا تقتليها ، ثم دعا بكرسي فجلس عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إني أحرج عليكن إلا خرجتن من داري ، فإني أكره أن تقتلن في داري قال : فخرجن فما رؤي منهن بعد ذلك اليوم واحدة وقال عبد الله بن أحمد : ورأيت أبي فعل ذلك ، وكثر علمي أنه جلس على كرسي كان يجلس عليه لوضوء الصلاة ، ثم رأيت النمل خرجن بعد ذلك . قيل : وقد أهلك بالنمل أمة من الأمم وهي جرهم . وفي سيرة ابن هشام في غزوة حنين عن جبير بن مطعم قال : لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البخار الأسود نزل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم ، فنظرت فإذا هو نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي لم أشك أنها الملائكة ، ولم يكن إلا هزيمة القوم ، وروى الدارقطني والحاكم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقتلوا النملة فإن سليمان عليه السلام خرج ذات يوم يستسقي وإذا هو بنملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها تقول " اللهم إنا خلق من خلقك ، و لا غنى لنا عن فضلك ، اللهم لا تؤاخذنا بذنوب عبادك الخاطئين ، واسقنا مطرا تنبت لنا به شجرا وأطعمنا ثمرا ، فقال سليمان عليه السلام لقومه : ارجعوا فقد كفينا وسقينا بغيركم " وفي الصحيحين وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه ، عن ) أبي هريرة - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة ، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها وأمر بها فأحرقت بالنار ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : فهلا نملة واحدة قال أبو عبد الله الترمذي في نوادر الأصول : لم يعاتبه على تحريقها إنما عاتبه لكونه أخذ البريء بغير البريء . وقال القرطبي : هذا النبي موسى بن عمران عليه السلام وإنه قال : يا رب تعذب أهل القرية . بمعاصيهم وفيهم الطائع ، فكأنه أحب أن يريه ذلك من عنده فسلط عليه الحر حتى التجأ إلى شجرة متروحا إلى ظلها ، وعندها قرية النمل فغلبه النوم ، فلما وجد لذة النوم لدغته نملة فدلكهن بقدمه فأهلكهن وأحرق مسكنهن فأراه الآية ، فمن أجل ذلك عيره لما لدغته كيف أصاب الباقين بعقوبتها ، يريد أن ينبهه على أن العقوبة من الله تعالى تصير رحمة على المطيع ، ونقمة على العاصي ، وعلى هذا ليس في الحديث ما يدل على كراهته ولا خطر في قتل النمل ، فإن من أذاك حل [ ص: 2683 ] لك دفعه عن نفسك ، ولا أحد من خلق الله أعظم حرمة من المؤمن ، وقد أبيح لك دفعه عنك بضرب وقتل على ما له من المقدار ، فكيف بالهوام والدواب التي قد سخرت له وسلطت عليه ؟ فإذا آذينه أبيح له قتلها . وقوله : فهلا نملة واحدة دليل على أن الذي يؤذي يقتل ، وكل قتل كان لنفع أو دفع ضر فلا بأس به عند العلماء ، ولم يخص تلك النملة التي لدغت من غررها لأنه ليس المراد القصاص ؛ لأنه لو أراده لقال : هلا نملتك التي لدغتك ، ولكن قال : هلا نملة فكان يعم البريء والجاني ، وذلك ليعلم أنه أراد تنبيهه لمسألة ربه في عذاب أهل قرية فيهم المطيع والعاصي ، وقد قيل في شرع هذا النبي عليه السلام : كانت العقوبة للحيوان بالتحريق جائزة ، فلذلك إنما عاتبه الله تعالى في إحراق الكثير لا في أصل الإحراق . ألا ترى إلى قوله تعالى : فهلا نملة واحدة ، وهو بخلاف شرعنا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن التعذيب بالنار وقال : لا يعذب بالنار إلا الله ، فلا يجوز إحراق الحيوان بالنار إلا إذا أحرق إنسانا فمات بالإحراق فلوارثه الاقتصاص بالإحراق . قال الدميري : وأما قتل النمل فمذهبنا لا يجوز للحديث السابق ، والمراد النمل السليماني كما قاله الخطابي والبغوي في شرح السنة ، وأما الصغير المسمى بالذر فقتله جائز ، وكره مالك قتل النمل إلا أن يضر ولا يقدر على دفعه إلا بالقتل ، وقيل إنما عاتب الله هذا النبي لانتقامه لنفسه بإهلاك جمع ، وإنما أذاه واحد منه وكان الأولى به الصبر والصفح ، لكن وقع للنبي أن هذا النوع مؤذ لبني آدم وحرمة بني آدم أعظم من حرمة غيرهم من الحيوان ، فلو انفرد له النظر ولم ينضم إليه التشفي الطبيعي لم يعاتب ، فعوتب على التشفي بذلك .

وأما الهدهد ففي حياة الحيوان الأصح تحريم أكله للنهي عن قتله ، ولأنه منتن الريح ويقتات الدود وقيل : يحل أكله لأنه يحكى عن الشافعي وجوب الفدية فيه ، وعنده لا يفتدي إلا المأكول . وفي الكامل وشعب الإيمان للبيهقي : أن نافعا سأل ابن عباس - رضي الله عنهما - فقال سليمان عليه السلام مع ما خوله الله تعالى من الملك وأعطاه كيف عني بالهدهد مع صغره ؟ فقال له ابن عباس : إنه احتاج إلى الماء ، والهدهد كانت الأرض له مثل الزجاج ، وكان دليلا على الماء فقال ابن الأزرق لابن عباس : قف يا وقاف ، كيف يبصر الماء من تحت الأرض ولا يرى الفخ إذا غطي له بقدر أصبع من تراب ؟ قال ابن عباس إذا نزل القضاء عمي البصر . قلت والظاهر أن هذا جواب إقناعي يشمل ما به أمر قدر فإنه كان رؤية الماء من خصوصيته لا كل شيء مدفون في الأرض لكن فيه إشارة إلى أنه لو قدر له أن يموت بالعطش لأغمي عليه الماء ذلك الوقت ليقضي الله أمرا كان مقدرا . فإذا نزل القضاء ضاق الفضاء وإذا حصل القدر بطل الحذر ، ومن اللطائف ما حكى القزويني أن الهدهد قال لسليمان عليه السلام : أريد أن تكون في ضيافتي . قال أنا وحدي . قال : لا ، أنت وأهل عسكرك في جزيرة كذا في يوم كذا ، فحضر سليمان بجنوده فطار الهدهد واصطاد جرادة ، فخنقها ورمى بها في البحر . وقال : كلوا يا نبي الله من فاته اللحم ناله المرق فضحك سليمان وجنوده من ذلك حولا كاملا . وأما الضفدع ، فمثال الخنصر ، وقيل : بفتح الدال ، قال ابن الصلاح : الأشهر فيه من حيث اللغة كسر الدال وفتحها أشهر في ألسنة العامة من الخاصة . وفي كامل ابن عدي في ترجمة عبد الرحمن بن سعد بن عثمان بن سعد القرظي مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جابر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " من قتل ضفدعا فعليه شاة محرما كان أو حلا ، " قال سفيان : يقال : إنه ليس شيء أكثر ذكرا لله منه ، وفي كامل ابن عدي في ترجمة حماد بن عبيد ، أنه روى عن جابر الجعفي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن ضفدعا ألقت نفسها في النار من مخافة الله تعالى ، فأثابهن الله تعالى برد الماء ، وجعل نعيقهن من التسبيح ، وقال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الضفدع والصرد والنحلة وقال : لا أعلم لحماد بن عبيد غير هذا الحديث . قال البخاري : لا يصح حديثه ، وقال أبو حاتم : ليس بصحيح الحديث ، وفي كتاب الزاهد لأبي عبد الله القرطبي ، أن داود عليه السلام قال : لأسبحن الله تعالى الليلة تسبيحا ما يسبحه أحد من خلقه ، فنادته ضفدع من ساقية في داره : يا داود تفخر على الله عز وجل بتسبيحك وإن لي سبعين سنة ما جف لساني من ذكر الله سبحانه ، وإن لي لعشر ليال ما طعمت خضرا ولا شربت ماء اشتغالا بكلمتين . فقال ما هما ؟ فقالت يا مسبحا بكل لسان ويا مذكورا بكل مكان . فقال داود عليه السلام في نفسه : وما عسى أن أقول أبلغ من هذا .

[ ص: 2684 ] وروى البيهقي في شعبه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال : إن نبي الله داود - عليه السلام - ظن في نفسه أن أحدا لم يمدح خالقه بأفضل مما يمدحه ، فأنزل الله عليه ملكا وهو قاعد في محرابه والبركة إلى جنبه فقال : يا داود افهم ما تصوت به الضفدع ، فأنصت لها فإذا هي تقول سبحانك وبحمدك منتهى علمك ، فقال له الملك : كيف ترى ؟ فقال والذي جعلني نبيا إني لم أمدحه كذا . وفي حياة الحيوان : يحرم أكلها للنهي عن قتلها وقد روى البيهقي عن سهل بن سعد الساعدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن قتل خمس : النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد وفي مسند أبي داود الطيالسي وسنن أبي داود والنسائي ، والحاكم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن طبيبا سأله عن قتل ضفدع في دواء ، فنهاه - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها ، فدل على أن الضفدع يحرم أكلها وأنها غير داخلة فيما أبيح من دواب الماء .

وروى ابن عدي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " لا تقتلوا الضفادع فإن نعيقها تسبيح " .

قال سليم : سألت الدارقطني عنه فقال : إنه ضعيف ، والصواب أنه موقوف على عبد الله قاله البيهقي ، وقد روى أبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية ، وهو من التابعين عن النبي - صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن قتل الخطاطيف ، وقال " لا تقتلوا هذه العوذاء إنها تعوذ بكم من غيركم " رواه البيهقي وقال : منقطع قال : ورواه إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبيه قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخطاطيف عوذاء البيوت ، ومن هذه الطريقة رواه أبو داود في مراسيله . قال البيهقي : وهو منقطع أيضا لكن صح عن عبد الله بن عمر موقوفا أنه قال ولا تقتلوا الضفادع فإن نعيقها تسبيح ، ولا تقتلوا الخطاف فإنه لما خرب بيت المقدس قال يا رب سلطني على البحر حتى أغرقهم . قال البيهقي : إسناده صحيح ، وقال محمد بن الحسن : إنه حلال لأنه يتقوت بالحلال غالبا . قال أبو العاصم العبادي : وهذا محتمل على أصلنا وإليه مال أكثر أصحابنا ، ثم الخطاف جمعه الخطاطيف ، ويسمى زوار الهند وهو من الطيور القواطع إلى الناس يقطع البلاد إليهم رغبة في القرب منهم ، ثم إنها تبني بيوتا في أبعد المواضع عن الوصول إليها ، وهذا الطائر يعرف عند الناس بعصفور الجنة ؛ لأنه زهد فيما في أيديهم من الأقوات فأحبوه ، وإنما يتقوت بالبعوض والذباب .

وفي رسالة القشيري في آخر باب المحبة أن خطافا راود خطافة على قبة سليمان بن داود - عليه السلام - فامتنعت منه فقال لها : تمتنعين علي ولو شئت قلبت القبة على سليمان ، فدعاه سليمان وقال : ما حملك على ما قلت ؟ قال : يا نبي الله العشاق لا يؤاخذون بأقوالهم ، فقال : صدقت ، وهو أنواع : منها نوع يسمى السنونو وهو كثير في المسجد الحرام وبمكة ويعشش في سقف البيت عند باب إبراهيم ، وباب بني شيبة ، وبعض الناس زعم أن ذلك هو طير الأبابيل الذي عذب الله تعالى به أصحاب الفيل . وقال الثعلبي وغيره في تفسير سورة النمل : إن آدم - عليه السلام - لما خرج من الجنة اشتكى إلى الله تعالى الوحشة فآنسه الله بالخطاف وألزمها البيوت ، فهي لا تفارق بني آدم أنسابهم .




الخدمات العلمية