الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وجواب خبر ) سوء [ ص: 621 ] ( بالاسترجاع على المذهب ) لأنه بقصد الجواب صار ككلام الناس ( وكذا ) يفسدها ( كل ما قصد به الجواب ) كأن قيل أمع الله إله فقال لا إله إلا الله ، أو ما مالك فقال - الخيل والبغال والحمير - أو من أين جئت فقال - { وبئر معطلة وقصر مشيد } - ( أو الخطاب ك ) قوله لمن اسمه يحيى أو موسى ( { يا يحيى خذ الكتاب بقوة } ) أو - { وما تلك بيمينك يا موسى } - ( مخاطبا لمن اسمه ذلك ) أو لمن بالباب - { ومن دخله كان آمنا } .

التالي السابق


( قوله وجواب خبر سوء ) السوء بضم السين صفة خبر وهو من ساء يسوء سوءا نقيض سر ، والاسترجاع قول - { إنا لله وإنا إليه راجعون } - ثم الفساد بذلك قولهما خلافا لأبي يوسف كما صححه في الهداية والكافي ، لأن الأصل عنده أن ما كان ثناء أو قرآنا لا يتغير بالنية . وعندهما يتغير كما في النهاية ، وقيل إنه بالاتفاق ، ونسبه في غاية البيان إلى عامة المشايخ . وفي الخانية أنه الظاهر ، لكن ذكر في البحر أنه لو أخبر بخبر يسره فقال الحمد لله فهو على الخلاف ثم قال : ولعل الفرق على قوله أن الاسترجاع لإظهار المصيبة وما شرعت الصلاة لأجله والتحميد لإظهار الشكر والصلاة شرعت لأجله . ا هـ . قلت : وهو مأخوذ من الحلية ، وفيه نظر ، إذ لو صح هذا الفرق على قول أبي يوسف لانتقض الأصل المذكور ، فالأولى ما في الهداية وغيرها من أن الفرع الأول على الخلاف أيضا ، ولذا مشى عليه في شرح المنية [ ص: 621 ]

الكبير فليتأمل ( قوله على المذهب ) رد على ما في الظهيرية من تصحيح عدم الفساد فإنه تصحيح مخالف للمشهور وعلى ما في المجتبى من أنه لا فساد بشيء من الأذكار التي يقصد بها الجواب في قول أبي حنيفة وصاحبيه فإنه مخالف للمتون والشروح والفتاوى ، كذا في الحلية والبحر فافهم ( قوله لأنه إلخ ) بيان لوجه الفساد عندهما ، فإن المناط كونه لفظا أفيد به معنى ليس من أعمال الصلاة لا كونه وضع لإفادة ذلك فتح ( قوله كل ما قصد به الجواب ) أي عندهما لصيرورة الثناء كلام الناس بالقصد كخروج القراءة بقصد الخطاب ، والجواب بما ليس بثناء مفسد اتفاقا ، كذا في غرر الأفكار ، ومثله في الدرر حيث قال : قيد بالتحميد ونحوه لأن الجواب بما ليس بثناء مفسد اتفاقا . ا هـ .

قلت : والمراد بما ليس بثناء ما كان من غير القرآن ، أما ما كان منه إذا قصد به الجواب فإنه على الخلاف أيضا ، وإن لم يكن ثناء كقوله { والخيل والبغال والحمير } بدليل ما قدمناه عن النهاية من أن الأصل عند أبي يوسف أن ما كان ثناء أو قرآنا لا يتغير بالنية . وعندهما يتغير ، فلو قيل ما مالك ؟ فقال الإبل والبقر والعبيد مثلا فسدت اتفاقا لأنه ليس قرآنا ولا ثناء . أما لو أجاب عن خبر سار . بالتحميد أو معجب بالتسبيح أو التهليل لا تفسد عنده لأنه ثناء وإن لم يكن قرآنا . واحترز بقصد الجواب عما لو سبح لمن استأذنه في الدخول على قصد إعلامه أنه في الصلاة كما يأتي ، أو سبح لتنبيه إمامه فإنه وإن لزم تغييره بالنية عندهما إلا أنه خارج عن القياس بالحديث الصحيح { إذا نابت أحدكم نائبة وهو في الصلاة فليسبح } ، قال في البحر : ومما ألحق بالجواب ما في المجتبى : لو سبح أو هلل يريد زجرا عن فعل أو أمرا به فسدت عندهما ا هـ .

قلت : والظاهر أنه لو لم يسبح ولكن جهر بالقراءة لا تفسد لأنه قاصد القراءة ، وإنما قصد الزجر أو الأمر بمجرد رفع الصوت تأمل ( قوله أو الخطاب إلخ ) هذا مفسد بالاتفاق ، وهو مما أورد نقضا على أصل أبي يوسف فإنه قرآن لم يوضع خطابا لمن خاطبه المصلي وقد أخرجه بقصد الخطاب عن كونه قرآنا وجعله من كلام الناس ( قوله كقوله لمن اسمه يحيى أو موسى ) يغني عنه قول المصنف مخاطبا لمن اسمه ذلك والظاهر أنها تفسد وإن لم يكن المخاطب مسمى بهذا الاسم إذا قصد خطابه ( قوله أو لمن بالباب إلخ ) لعل وجه جعله من الخطاب مع أنه ليس فيه أداة نداء ولا خطاب أنه في معنى قوله ادخل




الخدمات العلمية