الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل ( تعليقات على مقتل عثمان رضي الله عنه )

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما وقع هذا الأمر العظيم الفظيع الشنيع أسقط في أيدي الناس ، [ ص: 320 ] فأعظموه جدا ، وندم أكثر هؤلاء الجهلة الخوارج على ما صنعوا ، وأشبهوا من تقدمهم ممن قص الله علينا خبرهم في كتابه العزيز ، من الذين عبدوا العجل في قوله تعالى : ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين [ الأعراف : 149 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما بلغ الزبير مقتل عثمان - وكان قد خرج من المدينة - قال : إنا لله وإنا إليه راجعون . ثم ترحم على عثمان ، وبلغه أن الذين قتلوه ندموا فقال : تبا لهم . ثم تلا قوله تعالى : ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون [ يس : 48 ، 49 ] . وبلغ عليا قتله فترحم عليه ، وسمع بندم الذين قتلوه فتلا قوله تعالى كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر الآية [ الحشر : 16 ] . ولما بلغ سعد بن أبي وقاص قتل عثمان استغفر له ، وترحم عليه ، وتلا في حق الذين قتلوه : قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا [ الكهف : 103 ، 104 ] . ثم قال سعد : اللهم أندمهم ثم خذهم . وقد أقسم بعض السلف بالله أنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولا . رواه ابن جرير . وهكذا ينبغي أن يكون ؛ لوجوه منها ، دعوة سعد المستجابة ، كما ثبت في [ ص: 321 ] الحديث الصحيح . وقال بعضهم : ما مات أحد منهم حتى جن .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الواقدي : حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، قال : الذي قتل عثمان كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي ، وكانت امرأة منظور بن سيار الفزاري تقول : خرجنا إلى الحج وما علمنا لعثمان بقتل ، حتى إذا كنا بالعرج سمعنا رجلا يغني تحت الليل :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألا إن خير الناس بعد ثلاثة قتيل التجيبي الذي جاء من مصر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما رجع الحجيج وجدوا عثمان ، رضي الله عنه ، قد قتل وبايع الناس علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه . ولما بلغ أمهات المؤمنين في أثناء الطريق أن عثمان قد قتل ، رجعن إلى مكة ، فأقمن بها نحوا من أربعة أشهر كما سيأتي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية