الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

4146 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا ، فبعث الله نبيه ، وأنزل كتابه وأحل حلاله ، وحرم حرامه فما أحل فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، وتلا قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة الآية رواه أبو داود .

التالي السابق


الفصل الثالث

4146 - ( عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ) أي . بمقتضى طباعهم وشهواتهم ( ويتركون أشياء ) أي لا يأكلونها ( تقذرا ) : أي كراهة ويعدونها من القاذورات ، ( فبعث الله نبيه ، وأنزل كتابه ) : أي عليه وعلى أمته ( وأحل حلاله ) : أي ما أراد الله أن يكون حلالا بإباحته . قال الطيبي : حلاله مصدر وضع موضع المفعول أي : أظهر الله بالبعث والإنزال ما أحله الله تعالى . ( وحرم حرامه ) : أي بالمنع عن أكله ( فما أحل ) : أي ما بين إحلاله ( فهو حلال ) : أي لا غير ( وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه ) أي ما لم يبين حكمه ( فهو عفو ) أي متجاوز عنه لا تؤاخذون به ( وتلا ) : أي ابن عباس ردا لفعلهم وأكلهم ما يشتهونه أو تركهم ما يكرهونه تقذرا ، كأنه قيل : المحلل ما أحله الله ورسوله ، والمحرم ما حرمه الله [ ص: 2685 ] ورسوله وليس بهوى النفس حيث قال تعالى : قل لا أجد في ما أوحي إلي أي في القرآن أو فيما أوحي إلي مطلقا ، وفيه تنبيه على أن التحريم إنما يعلم بالوحي لا بالهوى ( محرما ) : أي طعاما محرما ( على طاعم يطعمه إلا أن يكون ) : بالتذكير وفي نسخة بالتأنيث ( ميتة ) : بالنصب وفي نسخة بالرفع وفي نسخة : أو دما ( الآية ) : بالنصب ويجوز أختاه ، والمعنى أنه لا يعلم بالوحي أن شيئا من الطعام حرام في وقت إلا في وقت أن يكون الطعام ميتة ، وقرأ ابن كثير وحمزة " تكون " بالتأنيث لتأنيث الخبر ، وقرأ ابن عامر بالتاء ورفع ميتة على أن كان هي التامة ، وقوله : أو دما مسفوحا عطف على " أن " مع ما في حيزه أي إلا وجود ميتة " أو دما مسفوحا " أي مصبوبا سائلا كالدم في العروق لا الكبد والطحال لما سبق في الحديث ( أو لحم خنزير فإنه رجس ) ، أي فإن الخنزير أو لحمه قذر لتعوده أكل النجاسة ، وقيل معناه : حرام ( أو فسقا ) عطف على لحم خنزير وما بينهما اعتراض للتعليل أهل لغير الله به صفة له موضحة . قال القاضي : والآية محكمة ؛ لأنها تدل على أنه لم يجد فيما أوحي إلى تلك الغاية محرما غير هذه ، وذلك لا ينافي ورود التحريم في شيء آخر بعد هذا ، فلا يصح الاستدلال بها على نسخ الكتاب بخبر الواحد ، ولا على حل الأشياء غيرها إلا مع الاستصحاب ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية