الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 496 ] بيان حكم استعمال الطيب

وفي باب الطيب: ما روي عن أنس، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم، أن يتزعفر الرجل. متفق عليه.

أي: يستعمل الزعفران في ثوبه، وبدنه؛ لأنه عادة النساء.

ونبه بالزعفران على النهي عن كل الطيب يختص بالنسوة، إلا ما لا أمن له؛ فإنه يجوز استعماله للرجل.

ويزيده كشفا، حديث يعلى بن مرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه خلوقا، فقال: "ألك امرأة؟"، قال: لا. قال: "فاغسله، ثم اغسله، ثم لا تعد" رواه الترمذي، والنسائي.

يعني: إن كان لك امرأة أصابك من بدنها وثوبها خلوق من غير قصد، فأنت معذور، وإلا فأنت معأزور ؛ لأن مثل هذا الطيب لا ينبغي أن يستعمله الرجل.

و "الخلوق": نوع من الطيب، يجعل فيه الزعفران.

فأفاد الحديث: أن كل نوع من الطيب له لون من الألوان، هو منهي عنه في حق الرجال، حتى ورد في حديث أبي موسى مرفوعا: "لا يقبل الله صلاة رجل في جسده شيء من خلوق" رواه أبو داود.

وعن عمار بن ياسر، قال: قدمت على أهلي من سفر، وقد تشققت يداي فخلقوني بزعفران، فغدوت على النبي صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه، فلم يرد علي، وقال: "اذهب فاغسل هذا عنك" رواه أبو داود.

ويزيده بيانا، ويوضحه كشفا، حديث أبي هريرة يرفعه: طيب الرجل: ما ظهر ريحه، وخفي لونه، وطيب النساء: ما ظهر لونه، وخفي ريحه" رواه الترمذي، والنسائي.

[ ص: 497 ] وفيه إرشاد إلى أن النساء لا ينبغي لهن أن يستعملن من الطيب ما يظهر ريحه.

ولكن خالفت النسوة هذا الإرشاد، واستعملن كل طيب له رائحة، وأكثرن منه، وأين من يمنعهن من ذلك؟!

التالي السابق


الخدمات العلمية