الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        425 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة وعبد الله بن عباس قالا لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا [ ص: 634 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 634 ] قوله : ( باب ) كذا في أكثر الروايات بغير ترجمة ، وسقط من بعض الروايات ، وقد قررنا أن ذلك كالفصل من الباب الذي قبله ، والجامع بينهما الزجر عن اتخاذ القبور مساجد ، وكأنه أراد أن يبين أن فعل ذلك مذموم سواء كان مع تصوير أم لا . قوله : ( لما نزل ) كذا لأبي ذر بفتحتين والفاعل محذوف أي الموت ، ولغيره بضم النون وكسر الزاي ، وطفق أي جعل . والخميصة كساء له أعلام كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال وهو كذلك ) أي في تلك الحال ، ويحتمل أن يكون ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه أم سلمة وأم حبيبة أمر الكنيسة التي رأتاها بأرض الحبشة ، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - علم أنه مرتحل من ذلك المرض فخاف أن يعظم قبره كما فعل من مضى فلعن اليهود والنصارى إشارة إلى ذم من يفعل فعلهم .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : ( اتخذوا ) جملة مستأنفة على سبيل البيان لموجب اللعن ، كأنه قيل ما سبب لعنهم ؟ فأجيب بقوله " اتخذوا " .

                                                                                                                                                                                                        وقوله : ( يحذر ما صنعوا ) جملة أخرى مستأنفة من كلام الراوي ، كأنه سئل عن حكمة ذكر ذلك في ذلك الوقت فأجيب بذلك . وقد استشكل ذكر النصارى فيه ; لأن اليهود لهم أنبياء بخلاف النصارى فليس بين عيسى وبين نبينا - صلى الله عليه وسلم - نبي غيره وليس له قبر ، والجواب أنه كان فيهم أنبياء أيضا لكنهم غير مرسلين كالحواريين ومريم في قول ، أو الجمع في قوله " أنبيائهم " بإزاء المجموع من اليهود والنصارى ، والمراد الأنبياء وكبار أتباعهم فاكتفى بذكر الأنبياء ، ويؤيده قوله في رواية مسلم من طريق جندب كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ولهذا لما أفرد النصارى في الحديث الذي قبله قال إذا مات فيهم الرجل الصالح ولما أفرد اليهود في الحديث الذي بعده قال قبور أنبيائهم ، أو المراد بالاتخاذ أعم من أن يكون ابتداعا أو اتباعا ، فاليهود ابتدعت والنصارى اتبعت ، ولا ريب أن النصارى تعظم قبور كثير من الأنبياء الذين تعظمهم اليهود .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية