الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو ارتابت ) أي شكت [ ص: 242 ] في أنها حامل لوجود نحو ثقل أو حركة ( فيها ) أي العدة بأقراء أو أشهر ( لم تنكح ) آخر بعد الأقراء أو الأشهر ( حتى تزول الريبة ) بأمارة قوية على عدم الحمل ويرجع فيها للقوابل وذلك ؛ لأن العدة قد لزمتها بيقين فلا تخرج عنها إلا بيقين فإن نكحت مرتابة فباطل كذا عبرا به قال الإسنوي والمراد باطل ظاهرا فإن بان عدم الحمل فالقياس الصحة كما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا انتهى وكون القياس ذلك واضح كما قدمته مع زيادة فروع وبيان في بحث أركان النكاح ومما يصرح به ما يأتي في زوجة المفقود المبطل لكون المانع فيها وهو النكاح المحقق الذي الأصل بقاؤه أقوى الفرق بأن الشك هنا في حل المنكوحة وبأن العدة لزمتها هنا ظاهرا وذلك ؛ لأن كلا من هذين غفلة عما ذكروه فيها من النظر لما في نفس الأمر مع الشك في حلها وقوة النكاح المانع لذلك ظاهرا ( أو ) ارتابت ( بعدها ) أي العدة ( وبعد نكاح ) لآخر ( استمر ) النكاح لوقوعه صحيحا ظاهرا فلا يبطل إلا بيقين ( إلا أن تلد لدون ستة أشهر من ) إمكان العلوق بعد ( عقده ) فلا يستمر لتحقق المبطل حينئذ فيحكم ببطلانه وبأن الولد للأول إن أمكن كونه منه أما إذا ولدت لستة أشهر فأكثر فالولد للثاني ؛ لأن فراشه ناجز ونكاحه قد صح ظاهرا فلم ينظر لإمكانه من الأول لئلا يبطل ما صح بمجرد الاحتمال وهل يعتبر هنا لحظة يحتمل لا احتياطا للنسب الناجز لإمكانه وكالثاني فيما ذكر وطء الشبهة بعد العدة فيلحقه الولد إذا أمكن منه وإن أمكن من الأول أيضا لانقطاع النكاح والعدة عنه ظاهرا ( أو ) ارتابت ( بعدها قبل نكاح فلتصبر ) ندبا وإلا كره وقيل وجوبا ( لزوال الريبة ) احتياطا [ ص: 243 ] ( فإن نكحت ) ولم تصبر لذلك ( فالمذهب عدم إبطاله ) أي النكاح ( في الحال ) ؛ لأنا لم نتحقق المبطل ( فإن علم مقتضيه ) أي البطلان بأن ولدت لدون ستة أشهر مما مر ( أبطلناه ) أي حكمنا ببطلانه لتبين فساده وإلا فلا ولو راجعها وقت الريبة وقفت الرجعة فإن بان حمل صحت وإلا فلا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ومما يصرح به إلخ ) مما يدل عليه أيضا ما في الروض كغيره في الباب الثاني في اجتماع عدتين فيما إذا وطئت المطلقة في العدة بشبهة وأتت بولد يمكن أن يكون من كل منهما وتعذر إلحاق القائف فإنه ذكر أنه تنقضي عدة أحدهما بوضعه ، ثم تعتد للآخر بثلاثة أقراء ، ثم ذكر أنهما لو كانت بائنا فنكحها الزوج مرة واحدة قبل الوضع أو بعده لم يحكم بصحته لاحتمال كونه في عدة الثاني فإن بان بعد بالقائف أنها في عدته صح كما صحت رجعته اعتبارا بما في نفس الأمر ، ثم ذكر أنه لو نكحها الواطئ بشبهة قبل الوضع لم يصح لاحتمال كونها في عدة الزوج حينئذ ، وكذا إن نكحها بعده في باقي عدة الزوج على ما مر فيه لذلك ، فلو بان في هذه بالقائف أن الحمل من الزوج صح اعتبارا بما في نفس الأمر إلا أن يفرق بأنها هنا حالة النكاح يحتمل أن تكون في عدته إلا أن هذا لا يزيد على ما في مسألتنا من احتمال أنها غير معتدة بالكلية فليتأمل ( قوله : ومما صرح به ما يأتي في زوجة المفقود إلخ ) فرق م ر بأن الشك هنا أي في مسألة الريبة لسبب ظاهر فكان أقوى ا هـ ولا يخفى ما فيه أما أولا فإن أقويته بعد تسليمها لا تفيد مع كون قاعدة العقود أن العبرة فيها بنفس الأمر ، وأما ثانيا فغاية ما يؤثر هذا السبب الظاهر التردد في انقضاء العدة وهذا لا يقاوم الحكم ببقاء النكاح شرعا ( قوله : أقوى ) هو خبر كون ( قوله : إن أمكن إلخ ) هل هو راجع [ ص: 243 ] للحكم أيضا ببطلانه حتى إذا لم يمكن كونه من الأول صح النكاح على ما سيأتي في الحاشية عن شرح الروض على قول الشارح قبيل الفصل فهو منفي عنهما



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              [ ص: 242 ] قوله : في أنها إلخ ) فيه مع قول المتن فيها تعلق الجارين بعامل واحد بدون اتباع عبارة المغني أي شكت فيها أي العدة بأن لم يظهر لها الحمل بأمارة وإنما ارتابت بثقل أو حركة تجدها وهي ظاهرة ( قوله : ويرجع فيها ) أي : في زوال الريبة والتأنيث باعتبار المضاف إليه ويحتمل أن الضمير للأمارة ( قوله : إلا بيقين ) قضية قوله السابق بإمارة قوية إلخ أن المراد باليقين ما يشمل الظن القوي ( قوله : فباطل ) وإن بان أن لا حمل نهاية ومغني قال ع ش قوله وإن بان إلخ أي خلافا لابن حج والأقرب ما قاله ابن حج ووجهه أن العبرة في العقود بما في نفس الأمر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ومما يصرح به إلخ ) ، وفي كلام الروض وغيره ما يدل عليه أيضا وفرق م ر بأن الشك هنا أي في مسألة الريبة لسبب ظاهر فكان أقوى انتهى ولا يخفى ما فيه أما أولا فإن أقويته بعد تسليمها لا تفيد مع كون قاعدة العقود أن العبرة فيها بنفس الأمر ، وأما ثانيا فغاية ما يؤثر هذا السبب الظاهر التردد في انقضاء العدة وهذا لا يقاوم الحكم ببقاء النكاح شرعا ا هـ سم ( قوله : ما يأتي في زوجة المفقود إلخ ) أي في الفصل الثالث ، وقوله : المبطل صفة ما يأتي ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله : لكون المانع إلخ ) علة للإبطال ، وقوله : وهو أي المانع في زوجة المفقود ( قوله : أقوى ) هو خبر كون ا هـ سم ( قوله : الفرق إلخ ) مفعول المبطل عبارة الكردي قوله للفرق متعلق بالمبطل ا هـ فلعل نسخ الشرح مختلفة ( قوله : بأن الشك إلخ ) أي : وهو من موانع النكاح ( قوله : هنا ) أي في مسألة العدة ( قوله : وذلك ؛ لأن إلخ ) أي : إبطال الفرق ثابت ؛ لأن إلخ ا هـ كردي ( قوله : من هذين ) أي : الفرقين ( قوله : فيها ) أي : زوجة المفقود والمراد بالنكاح نكاح المفقود ( قوله : في حلها ) أي : حل زوجة المفقود لزوج آخر ( قوله : وقوة النكاح ) عطف على الشك ( قوله : المانع ) أي : الشك لذلك أي لحل زوجة المفقود لآخر ( قوله : ظاهرا ) أي : إذ الأصل بقاء النكاح الأول ( قوله : أي العدة ) إلى قوله والحاصل في المغني إلا قوله وهل يعتبر إلى وكالثاني وإلى قوله أو لأكثر فلا في النهاية إلا ذلك القول ( قوله : إن أمكن إلخ ) هل هو راجع أيضا للحكم ببطلانه حتى إذا لم يمكن كونه من الأول صح النكاح على ما سيأتي في الحاشية عن شرح الروض على قول الشارح قبيل الفصل فهو منفي عنهما ا هـ سم وسنذكر عن المغني والنهاية ما يوافق كلام شرح الروض ، وقوله : من الأول أي ولا من الثاني كما هو الفرض .

                                                                                                                              ( قوله : ما صح ) أي : النكاح الثاني ( قوله : وهل يعتبر إلخ ) قضية قول السابق من إمكان العلوق بعد عقده الجزم باعتبارها كما هو قضية صنيع النهاية والمنهج ( قوله : لحظة ) أي : للوطء أو الاستدخال ( قوله : يحتمل لا ) أي : يحتمل أنها لا تعتبر ( قوله : وكالثاني ) أي : النكاح الثاني ( قوله : فيلحقه ) أي : الواطئ بشبهة ا هـ ع ش ( قوله : إن أمكن منه ) [ ص: 243 ] أي بأن أتت به لستة أشهر فأكثر من الوطء ( قوله : مما مر ) أي : من إمكان العلوق بعد العقد ( قوله : وإلا فلا ) أي : وإن لم يعلم مقتضى البطلان بأن بان عدم الحمل أو ولدته لستة أشهر فأكثر فلا نبطله والولد للثاني وإن أمكن كونه من الأول أيضا عبارة المغني وإن علم انتفاؤه لم نبطله ولحق الولد بالثاني ا هـ وعبارة المنهج مع شرحه أو ارتابت بعدها أي العدة سن صبر عن النكاح لنزول الريبة فإن نكحت قبل زوالها أو ارتابت بعد نكاح الآخر لم يبطل أي النكاح لانقضاء العدة ظاهرا إلا أن تلد لدون ستة أشهر من إمكان علوق بعد عقده وهو أولى من عقد فيتبين بطلانه والولد للأول إن أمكن كونه منه بخلاف إذا ولدت لستة أشهر فأكثر فالولد للثاني وإن أمكن كونه من الأول ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وقفت الرجعة ) أي : فيحرم عليه قربانها وغيره ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية