الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتسقط عقوبات تخص القاطع ) من تحتم وصلب وقطع رجل وكذا يد كما شمل ذلك كلامه ; لأن المختص به القاطع اجتماع قطعهما فهما عقوبة واحدة إذا سقط بعضها سقط كلها ( بتوبته ) عن قطع الطريق ( قبل القدرة عليه ) لقوله تعالى { إلا الذين تابوا } الآية ، والمراد بما قبل القدرة أن لا تمتد إليهم يد الإمام بهرب أو استخفاف أو امتناع ، بخلاف ما لا تخصه كالقود وضمان المال ( لا بعدها ) وإن صلح عمله ( على المذهب ) لمفهوم الآية ، وإلا لم يكن لقبل فيها فائدة ، والفرق أنه قبلها غير متهم فيها بخلافها بعدها لاتهامه بدفع الحد ، ولو ادعى بعد الظفر سبق توبة ، وظهرت أمارة صدقه فوجهان : أوجههما عدم تصديقه لاتهامه ما لم تقم بها بينة ، وقيل في كل منهما قولان ( ولا تسقط سائر الحدود ) المختصة بالله تعالى كحد زنا وسرقة وشرب مسكر ( بها ) أي بالتوبة قبل الرفع وبعده ولو في قاطع الطريق ( في الأظهر ) ; لأنه صلى الله عليه وسلم حد من ظهرت توبته بل من أخبر عنها بها بعد قتلها ، والثاني تسقط بها قياسا على حد قاطع الطريق وانتصر له جمع ، نعم تارك الصلاة يسقط حده بها عليهما ولا يسقط بها عن ذمي بإسلامه كما مر ، ومحل الخلاف في الظاهر أما فيما بينه وبين الله تعالى فحيث صحت توبته سقط بها سائر الحدود قطعا ، ومن حد في الدنيا لم يعاقب عليه في الآخرة على ذلك بل على الإصرار عليه أو الإقدام على موجبه إن لم يتب .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 8 ] قوله : فهما عقوبة ) أي اليد والرجل ( قوله فيها فائدة ) أي في الآية ( قوله : بل من أخبر عنها ) أي التوبة ، وقوله بها متعلق بحد ومع ذلك ففي العبارة بعض قلاقة ( قوله : ولا يسقط بها ) أي التوبة ( قوله : ومن حد في الدنيا لم يعاقب عليه ) الأولى حذف عليه وعلى ثبوتها فقوله وعلى ذلك بدل من عليه ، ( قوله : في الآخرة ) صريح في أنه لا يعاقب عليه لحق المجني عليه ، وإنما يعاقب لحق الله تعالى إن لم يتب ، وفي المناوي في شرح الجامع الصغير عند قوله صلى الله عليه وسلم { أيما عبد أصاب شيئا مما نهى الله عنه ثم أقيم عليه حده كفر الله عنه ذلك الذنب } ما نصه نقلا عن ابن العربي : وكذا القاتل إذا اقتص منه فهو كفارة للقتل في حق الله وحق الولي لا المقتول فله مطالبته به في الآخرة ا هـ .

                                                                                                                            وعبارة الشارح قبيل فصل .

                                                                                                                            لا يحكم بشاهد إلا في هلال رمضان نصها : ومن لزمه حد ، وخفي أمره ندب له الستر على نفسه ، فإن ظهر أتى الإمام ليقيمه عليه ، ولا يكون استيفاؤه مزيلا للمعصية بل لا بد معه من التوبة إذ هو مسقط لحق الآدمي ، وأما حق الله تعالى فيتوقف على التوبة كما علم مما مر أوائل كتاب الجراح ا هـ وعلى ما نقله المناوي فالمراد بحق الآدمي طلب وليه في الدنيا فلا ينافي بقاء حق المجني عليه .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 8 ] قوله : ولا يسقط بها عن ذمي بإسلامه ) لعل لفظ بها زائد ( قوله : ومن حد في الدنيا لم يعاقب ) انظر هل هو مبني على أن الحدود جوابر لا زواجر أو عليهما .




                                                                                                                            الخدمات العلمية