الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            1009 - ( وعن عمر أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل حتى جاء السجدة فنزل وسجد وسجد الناس ، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال : أيها الناس إنا لم نؤمر بالسجود ، فمن سجد فقد أصاب ، ومن لم يسجد فلا إثم عليه . رواه البخاري .

                                                                                                                                            وفي لفظ : إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            ( الأثر أخرجه أيضا مالك في الموطأ والبيهقي وأبو نعيم في مستخرجه وابن أبي شيبة . وقد استدل به القائلون بعدم الوجوب . وأجابت الحنفية على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب بأن نفي الفرض لا يستلزم نفي الوجوب . قال في الفتح : وتعقب بأنه اصطلاح لهم حادث ، وما كان يفرقون بينهما ويغني عن هذا قوله : ومن لم يسجد فلا إثم عليه ) .

                                                                                                                                            وتعقب أيضا بقوله : " إلا أن نشاء " ، فإنه يدل على أن المرء مخير في السجود [ ص: 124 ] فلا يكون واجبا . وأجاب من أوجبه بأن المعنى إلا أن نشاء قراءتها فتجب . قال الحافظ : ولا يخفى بعده . ويرده أيضا قوله : " فلا إثم عليه " فإن انتفاء الإثم عمن ترك الفعل مختارا يدل على عدم وجوبه .

                                                                                                                                            واستدل بهذا الاستثناء على وجوب إتمام السجود من شرع ، لأن الظاهر أنه استثناء من قوله : ( لم يفرض ) . وأجيب بأنه استثناء منقطع ، ومعناه : لكن ذلك موكول إلى مشيئة المرء بدليل قوله : " ومن لم يسجد فلا إثم عليه " .

                                                                                                                                            لا يقال الاستدلال بقول عمر عدم الوجوب لا يكون مثبتا للمطلوب لأنه قول صحابي ولا حجة فيه . لأنه يقال أولا : إن القائل بالوجوب وهم الحنفية يقولون بحجية أقوال الصحابة ، وثانيا : أن تصريحه بعدم الفرضية وبعدم الإثم على التارك في مثل هذا الجمع من دون صدور إنكار يدل على إجماع الصحابة على ذلك ، والأثر أيضا يدل على جواز قراءة القرآن في الخطبة وجواز نزول الخطيب عن المنبر وسجوده إذا لم يتمكن من السجود فوق المنبر .

                                                                                                                                            وعن مالك أنه يقرأ في خطبته ولا يسجد ، وهذا الأثر وارد عليه




                                                                                                                                            الخدمات العلمية