الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      وتأخير بيان اسم النكرة إذا أريد بها شيء معين ففي جواز تأخير ذلك مذاهب : أحدها : الجواز مطلقا . قال ابن برهان : وعليه عامة علمائنا من الفقهاء والمتكلمين ، ونقله ابن فورك ، والقاضي أبو الطيب ، والشيخ أبو إسحاق ، وابن السمعاني ، وغيرهم عن ابن سريج ، والإصطخري ، وابن أبي هريرة ، وابن خيران ، والقفال ، وابن القطان ، والطبري ، والشيخ أبي الحسن الأشعري ، والقاضي أبي بكر ، وجزم به الخفاف في الخصال " . ونقله القاضي في " مختصر التقريب " عن الشافعي ، وابن سريج ، والطبري ، والقفال ، وعمموا القول في المجمل والعام في الأوامر والنواهي ، والوعد والوعيد ، وسائر ضروب الأخبار . ونقله ابن القطان عن ابن خيران ، وابن أبي هريرة . قال : وكان يحكى عن أبي العباس أنه قال في مسائل المطرز : إن قلت لك : إن هذا يجوز فما تعمل ؟ وإن قلت لك : لا يجوز فما تعمل ؟ واختاره الرازي ، وأتباعه ، وابن الحاجب ، وقال ابن السمعاني في " القواطع " : هو الذي ننصره . قال : ونصره عبد الجبار البغدادي في " العمد " وحكاه عن . . . وأبي هاشم ، وفيه نظر فالذي نقله أبو الحسين في " المعتمد " عن هؤلاء المنع مطلقا . [ ص: 109 ] ونقله سليم عن المزني ونقله المازري عن ابن مطين ، وأبي الفرج ، وابن خويز منداد منهم . وقال الباجي : عليه أكثر أصحابنا كالقاضي أبي بكر وابن خويز منداد ، وحكاه القاضي عن مالك وإليه ذهب المحققون من الشافعية ، ومنهم شيخنا القاضي أبو الطيب الطبري ، وأبو إسحاق الشيرازي ، ومن أدلتهم قوله تعالى : { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه . ثم إن علينا بيانه } وثم للتعقيب مع التراخي ، فقد ضمن البيان بعد إلزام الاتباع ، وقال في قصة نوح : { وأهلك } وعمومه يتناول ابنه ، ولهذا سأل عن إهلاكه ، وقوله : { إنكم وما تعبدون من دون الله } ولهذا سأل ابن الزبعرى عن عيسى والملائكة .

                                                      والثاني : المنع مطلقا ، ولم يجوزا أن يقع ذلك إلا والبيان معه . ونقله القاضي أبو بكر ، وابن فورك ، والشيخ أبو إسحاق ، وسليم ، وابن السمعاني وغيرهم ، عن أبي إسحاق المروزي ، وأبي بكر الصيرفي ، والقاضي أبي حامد المروزي ، ونقله الأستاذ أبو إسحاق عن أبي بكر الدقاق أيضا قال القاضي : وهو قول المعتزلة ، وكثير من الحنفية ، وإليه صار ابن داود الظاهري ، ونقله ابن القشيري عن داود ، ونقله المازري ، والباجي عن الأبهري منهم ، وقال القاضي عبد الوهاب : قالت المعتزلة والحنفية : لا بد أن يكون الخطاب متصلا بالبيان ، أو في حكم المتصل احترازا من انقطاعه كعطاس ونحوه من عطف الكلام بعضه على بعض . قال : ووافقهم بعض المالكية والشافعية . [ ص: 110 ] واعلم أن القاضي عبر عن هذا المذهب بقوله : وأوجبوا أن لا ترد لفظة إلا ويقترن بها بيانها ، إذا لم تكن مستقلة بنفسها . ا هـ . وظاهر هذا التقييد أنهم يجوزون عند الاستقلال . وفيه نظر . واعلم أن نقل هؤلاء الجماعة المنع عن أبي بكر الصيرفي هو المشهور ، وقال الأستاذ أبو إسحاق في كتابه : هذا مذهب كان يذهب إليه الصيرفي قديما ، فنزل به الشيخ أبو الحسن الأشعري ضيفا ، فناظره في هذا ، واستنزله عن هذه المقالة إلى مذهب الشافعي وسائر المتشيعة ، ولهذا نقل إمام الحرمين مسألة اعتقاد العموم موافقة للجمهور .

                                                      قلت : وقد راجعت كتابه المسمى " بالدلائل والأعلام " وهو مجلد كبير ، فرأيته فصل القول في ذلك بين تأخير بيان المجمل فيجوز ، وتأخير تخصيص العموم ونحوه فيمتنع . وها أنا أسوق عبارته لتقف على صواب قوله . قال ما نصه : القول في الخطاب المجمل الذي لا يعقل من ظاهره مراده . قال أبو بكر : خطاب لا يعقل من نفس اللفظ بيانه فغير لازم ، حتى يقع البيان ، كقوله : { أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } لا سبيل إلى معرفتها من ظاهر الاسم ، وحينئذ فوقت التكليف وقت البيان ، وهذا يجوز أن يتأخر بيانه عن وقت الخطاب إلى وقت الإلزام ، ويكون فائدة الخطاب الإعلام بأنه أوجب الصلاة التي سيبينها يلزمهم عند البيان . قال : وليس هذا تأخير البيان ، لأنهم لا يعرفون ما يلزمهم ، لأنهم لا يقدرون حينئذ على اعتقاد خلاف المراد .

                                                      ثم قال : وأما الخطاب الذي تدرك حقيقته وحده من ظاهر الاسم ، فلا يحتاج إلى بيان أكثر من لفظه إلا أن يقوم دليل على إرادة بعضه أو فعله في حال دون حال ، فهذا لا يجوز أن يتأخر بيانه ، لأنه إن أخره كان الكلام مطلقا ، ومراده الشرط ، فيوجب اعتقاده عموما أو اقتضاء أمره مبادرا ، فيكون قد أمر بما يوجب ظاهره خلاف مراده ، وهو لا يجوز ، لما فيه من اللبس ، ثم ذكر الدلائل على المنع . [ ص: 111 ] ثم قال : وزعم قوم أنه يجوز تأخير بيان بعض المنزلات عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة ، كما لو أمر بقطع السارق ، فيجوز تأخير بيان الحد المقطوع إلى أن يحضر سارق يحتاج إلى قطعه ، وهذه الطائفة من الشافعيين وغيرهم . قال أبو بكر : لا يقدر أحد منهم أن يحكي عن الشافعي نصا في شيء من كتبه ، ولا يخبر عنه أنه قال : إن البيان يجوز تأخيره بل قد حكى عنه المزني أنه لا يجوز تأخيره في مسائل ، ولا إذا بقي تأخير ، وهذا أصل من أصول الشافعي ، فيستدل على قوله : أنه غير قابل لما ينتقض من أصله ، فإذا لم يكن متصلا لأصل له ، ولا تصح حكايته عنه ، فيضاف إليه ، فكيف يجوز أن يجعل ذلك له .

                                                      ثم قال وجماعة من الألباء : أنه لا يجوز أن يخاطبنا بخطاب عام ، ليس في ظاهره ما يوجب التوقف ولا التراخي ولا البعض ، ويريد التراخي من الوقت ، أو بعض ما أظهر اسمه ويعريه من دليل يدل به على مراده . انتهى ملخصا . واعلم أن الصيرفي إنما قال ذلك بناء على اعتقاده أن الصيغة العامة إذا وردت يجب اعتقاد عمومها والعمل بموجبها ، ويلزم من رجوعه عن منع التأخير فيما نقله الأستاذ عنه رجوعه عن وجوب اعتقاد العموم ضرورة ، وما ادعاه من أن الشافعي ليس له نص في ذلك ينازعه فيه قول الشاشي في كتابه ، وقد ذكرنا من قول الشافعي ما يدل على الجواب في غير هذا الكتاب . وقال ابن القطان : وقد استدل الشافعي بقوله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } قال الشافعي : فلما أعطى السلب للقاتل علمنا أن المراد بالآية بعضهم دون بعض . وقوله : { ولذي القربى } فلما أعطى النبي عليه السلام بني هاشم وبني المطلب ومنع غيرهم دل على أنه أريد بعضهم دون بعض . [ ص: 112 ] وكذلك أيضا قول الشافعي روي عن النبي عليه السلام : { أنه نهى عن المزابنة ، ثم إن قوما من الأنصار شكوا إلى النبي عليه السلام ، فرخص لهم في العرايا } ، فأطلق النهي ، ثم خصه في ثاني الحال ، وهذا هو تأخير البيان .

                                                      قال : وبه كان أبو بكر يعني الصيرفي - يذكر أن المزني يذهب إلى أن البيان يتأخر ، حتى أخرج لنا ابن أبي هريرة كلام المزني في " المنثور " أن البيان لا يجوز أن يتأخر عن وقت الحاجة ، فدل على أن المزني كان يذهب إلى ما قلنا .

                                                      وقال ابن أبي هريرة : جرت هذه المسألة بين أبي بكر وابن خيران ، فرأيت ابن خيران فيها ضعيفا . فقلت : لأبي بكر : مقصدنا من هذه المسألة المعنى لا الاسم فإذا حصل المعنى فسواء سميته تأخير البيان أو لم تسمه ، وذلك أنا . مثل أن يجوز أن يقول لنا : اقطعوا السارق ، ويكون المراد منه البعض ، ولا يبينه في الحال ، ويبينه في ثانيه . ولا نسميه تأخير بيان . ثم ذكر أنه عكس ذلك عليه في تأخير بيان المجمل ، وما يقع من البيان بفعل النبي عليه السلام ، والنسخ وهو أن النسخ سماه الناس بهذا الاسم . فخبرني أراد الله منا في الابتداء الصلاة إلى بيت المقدس أبدا ثم رفعه ، أو أراد منا في الابتداء إلى زمان ؟ فإن قلت : مؤبدا ، أخلفت ، وإن قلت : مقيدا قيل لك : فأي شيء نسخ عنا ؟ فإن قلت : سمي هذا نسخا وهو في الحقيقة أمر ثان ، لأنه انكشف عنا ما لم يكن ظهر لنا . قلنا : وهذا بعينه موجود في التخصيص . [ ص: 113 ] وهنا تنبيه آخر يتعلق بمذهب المعتزلة ، وهو أن الجماهير أطلقوا النقل عنهم بالمنع ، وذكر بعضهم أنهم استثنوا النسخ ، وجوزوا تأخير بيانه . وبذلك صرح أبو الحسين عنهم في " المعتمد " . ولهذا ادعى الغزالي في " المستصفى " ، وابن برهان في " الوجيز " ، والسمرقندي من الحنفية في " الميزان " الاتفاق على جواز تأخير بيان النسخ .

                                                      قال الغزالي : بل يجب تأخيره لا سيما عند المعتزلة ، فإن النسخ عندهم بيان لوقت العبادة ، ويجوز أن يرد لفظ يدل على تكرار الأفعال على الدوام ، ثم ينسخ ويقطع الحكم بعد حصول الاعتقاد بلزوم الفعل على الدوام ، لكن يشترط أن لا يرد نسخ . والغزالي أخذ ذلك من قول إمامه . وقد ناقضت المعتزلة أصولهم إذ النسخ عندهم بيان مدة التكليف ، ولم يكن هذا البيان مقترنا بمورد الخطاب الأول . قال : وليس لهم عن هذا جواب . والإمام أخذه من القاضي ، فإنه قال : وما استدل به أصحابنا أن قالوا : النسخ تخصيص في الزمان ، والتخصيص في الأعيان ، ثم يجوز أن ترد اللفظة مطلقة في الأزمان والمراد بعضها ، فإن لم يبعد ذلك في الأزمان لم يبعد في الأعيان . قال القاضي : ولا يستقيم منا الاستدلال بذلك ، فإن النسخ ليس بتخصيص في الأزمان عندي وعند معظم المحققين من أصحابي ، وإنما هو رفع .

                                                      والمذهب الثالث : يجوز تأخير بيان المجمل دون غيره ، وهو قول أبي بكر الصيرفي فيما سقناه ، وكذا حكاه القاضيان : أبو الطيب وعبد الوهاب ، وحكاه ابن الصباغ في " العدة " عن الصيرفي وأبي حامد المروروذي ، وكذا أبو الحسين بن القطان ، فإنه قال : لا خلاف بين [ ص: 114 ] أصحابنا في جواز تأخير بيان المجمل ، كقوله : { وأقيموا الصلاة } وكذلك لا يختلفون في أن البيان في الخطاب العام يقع بفعل النبي عليه السلام ، والفعل يتأخر عن القول ، لأن بيانه بالقول أسرع منه بالفعل ، وأما العموم الذي يعقل مراده من ظاهره كقوله : { والسارق والسارقة } فقد اختلفوا فيه ، فمنهم من لم يجوز تأخير بيانه إلى هذا كما في مذهب أبي بكر الصيرفي . ا هـ . وكذلك ابن فورك ، والأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني فإنهما حكيا اتفاق أصحابنا على جواز تأخير بيان المجمل ، ثم حكى خلافهم في تأخير اللفظ الذي يوجب تخصيص العموم أو تأويل الظاهر ، ونسبه القاضي أبو الطيب لأبي حامد المروروذي . وحكاه أبو بكر الرازي وصاحب " المعتمد " عن أبي الحسن الكرخي زاد صاحب " الميزان " : والجصاص . قال أبو بكر الرازي : وهو عندي مذهب أصحابنا لأنهم يجعلون الزيادة على النص نسخا ، إذا تراخت عنه ، ولا يجيزونها إلا بمثل ما يجوز به النسخ . ولو جاز عندهم تأخير البيان في مثله لما كانت الزيادة نسخا ، بل بيانا ، وقد أجازوا هذه الزيادة في المجمل بالقياس وخبر الواحد ، ولهذا أسقطوا النية في الصوم ، ولم يوجب عندهم ذلك نسخه ، لأنها على وجه البيان .

                                                      وقال السرخسي منهم : قال علماؤنا : دليل الخصوص إذا اقترن بالعموم كان بيانا وإذا تأخر لم يكن بيانا ، بل نسخا . وقال الشافعي : بيان . وأصل الخلاف أن مطلق العام قطعي كالخاص ، وعنده فيكون دليل الخصوص بيان التفسير لا بيان التغيير . ونسبه ابن برهان في " الوجيز " [ ص: 115 ] وابن السمعاني لأبي الحسين البصري ، والذي في " المعتمد " تفصيل آخر ، ونقله ابن برهان في الأوسط عن عبد الجبار ، والذي في " المعتمد " عنه المنع فيهما .

                                                      والرابع : يجوز تأخير بيان العموم ، لأنه قبل البيان مفهوم ، ولا يجوز تأخير بيان المجمل ، لأنه قبل البيان غير مفهوم ، وحكاه الماوردي ، والروياني وجها لأصحابنا . وقال ابن السمعاني : وبه قال بعض أصحاب الشافعي . ونقله ابن برهان في " الوجيز " عن عبد الجبار ، وأما المازري فحكى هذا المذهب عن بعضهم ، ثم قال : وكنت أصوبه . وقد قال القاضي عبد الوهاب في بعض مصنفاته : لم يقل به أحد ، وهذا كله مردود بما ذكرنا .

                                                      والخامس : يجوز تأخير بيان الأوامر والنواهي ، ولا يجوز تأخير بيان الأخبار كالوعد والوعيد . قال ابن السمعاني : هكذا حكاه الماوردي عن الكرخي وبعض المعتزلة ، وعندي أن مذهب الكرخي هو ما قدمنا قبل . قال الماوردي : ولم يقل بهذا المذهب أحد من أصحاب الشافعي . ا هـ . وحكاه القاضي في " مختصر التقريب " ، وابن القشيري ، والشيخ أبو إسحاق ، والغزالي ، وأبو الحسين في " المعتمد " إلا أنه لم يتعرض للنهي .

                                                      والسادس : عكسه ، حكاه الشيخ أبو إسحاق أيضا ، ونازع بعضهم في حكاية هذا وما قبله ، فإن موضوع المسألة الخطاب التكليفي ، فلا يذكر فيهما الأخبار ، وفيه نظر .

                                                      والسابع : يجوز تأخير بيان النسخ دون غيره ، وحكاه أبو الحسين في " المعتمد " ، وأبو علي ، وابنه ، وعبد الجبار . [ ص: 116 ]

                                                      والثامن : التفصيل بين ما ليس له ظاهر كالمشترك . قال الإمام فخر الدين : والأسماء المتواطئة جاز تأخير البيان ، لأنه لا محذور من تأخيره . وأما ما له ظاهر قد استعمل في غير ظاهره كالعام والمطلق والمنسوخ ونحوه جاز تأخير بيان التفصيل دون الإجمال ، فإنه يشترط وجوده عند الخطاب ، حتى يكون مانعا من الوقوع في الخطأ ، فنقول مثلا : المراد من هذا العام هو الخاص أو المطلق أو المقيد أو النكرة المعين ، أو هذا الحكم سينسخ ، وأما البيان التفصيلي ، وهو المشخص بكذا مثلا فليس بشرط . وقد نقل الإمام فخر الدين وأتباعه هذا المذهب عن أبي الحسين البصري ، والدقاق ، والقفال ، وأبي إسحاق ; فأما أبو الحسين فالنقل عنه صحيح : وأما الدقاق فسبق النقل عنه بموافقة المعتزلة . وأما القفال فالظاهر أنه الشاشي ، وقد سبق النقل عنه بموافقة الجمهور ، وقد رأيت في كتابه التصريح بذلك . قال ما لفظه : البيان للعام ، والمجمل يجوز أن يتأخر عنه ، وأن يقارنه ، وأن يتقدم من الأمور ما يستدل به على المراد مما يحتاج إلى بيانه ، وذلك كله على حسب ما يقع التعبد به . ا هـ . وأما أبو إسحاق . فإن كان هو المروزي كما صرح به الإمام فقد سبق النقل عنه بموافقة المعتزلة على المنع ، لكن حكى القاضي عبد الوهاب عنه المذهب الثالث . وقال الهندي عن أبي إسحاق المروزي روايتان ، وإن كان الشيرازي فقد صحح في " شرح اللمع " الجواز مطلقا .

                                                      والتاسع : وحكاه ابن السمعاني عن أبي زيد أن بيان المجمل إن لم يكن تبديلا ولا تغييرا جاز مقارنا وطارئا ، وإن كان بيان تغيير جاز مقارنا ، ولا يجوز طارئا بحال ، ثم ذكر أن بيان الاستثناء بيان تغيير . قال : والخلاف الذي بيننا وبين الشافعي في بيان الخصوص ، فعندنا هو من قبيل الاستثناء ، [ ص: 117 ] فلا يجوز إلا مقارنا وعند الشافعي هو من قبيل بيان المجمل فيصح مقارنا وطارئا . قال : ولهذا قال علماؤنا فيمن أوصى له بخاتم ، ولعمرو بفصه بكلام متصل : إن الفص كله لصاحب الفص ، يكون تخصيصه بيانا كالاستثناء ، ولو فصل فقال : أوصيت لهذا بفصه ، كان الفصل بين الأول

                                                      [ والثاني ] ، ولا يصير بيانا عند الفصل . قال : وأما بيان المجمل منفصلا فجائز ، ألا ترى أن أصحابنا قالوا فيمن أقر أن لفلان عليه شيئا ، يكون البيان إليه متصلا أو منفصلا .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية