الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو حلف ليقضينه حقه غدا فقضاه اليوم حنث : لأن قضاءه غدا غير قضائه اليوم ، فإن كانت نيته أن لا يخرج غد حتى أقضيك حقك فقد بر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وقد مضت هذه المسألة إذا حلف ليقضينه حقه غدا ، فقضاه اليوم أنه يحنث ؛ لأن قضاءه اليوم ليس بقضاء في غد ، وقال أبو حنيفة ومالك : لا يحنث ، ولكن لو نوى بيمينه أن لا يخرج غدا حتى أقضيك بر ؛ لأنه جعل خروج الغد حدا ، ولم يجعله وقتا ولو حلف ، لأدخلن الدار في غد فدخلها اليوم لم يحنث ؛ لأنه يقدر على دخولها في غد ، فإن لم يدخلها في غد حنث ، ولو حلف ليبيعن عبده في غد فباعه اليوم لا يحنث ؛ لأنه يقدر على ابتياعه بعد بيعه ، ثم يبيعه في غد ، فإن فعل ذلك وإلا حنث حينئذ ، ولو أعتقه قبل غد حنث ؛ لأنه لا يقدر على بيعه بعد عتقه ، ولو دبره لم يحنث ؛ لأنه يقدر على بيعه ، ولو كاتبه لم يتعجل حنثه لجواز أن يعجز العبد نفسه قبل غد ، فيقدر على بيعه في غد .

                                                                                                                                            ولو حلف ليطلقن زوجته في غد ، فطلقها اليوم ، فإن استوفى به جميع طلاقها حنث ، وإن لم يستوفه لم يحنث ؛ لأنه يقدر على طلاقها في غد .

                                                                                                                                            ولو حلف ليتزوجن هذه المرأة في غد فتزوجها اليوم ، ولم يتعجل حنثه ؛ لأنه يقدر على طلاقها واستئناف نكاحها في غد ، فإن فعل وإلا حنث .

                                                                                                                                            ولو حلف ليعتقن عبده في غد فأعتقه اليوم حنث ؛ لأنه لا يقدر على استئناف عتقه بعد نفوذه اليوم بخلاف النكاح ، وإذا حنث في هذه المسائل على ما بينا ، ففي زمان حنثه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : حكاه ابن أبي هريرة احتمالا ، أنه يحنث لوقته ؛ لأنه لا سبيل له إلى البر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يحنث في أول دخول غده : لأنه أول أوقات بره .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : أنه لا يحنث إلا بخروج غده ؛ لأنه أخر أوقات بره ، فصار وقتا لحنثه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية