الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضا له على أن يعمل فيها رب الأرض ، والمدفوع إليه سنته هذه ببذر بينهما نصفان على أن الخارج بينهما نصفان فهذا جائز ; لأنه أعاره نصف الأرض ليزرعه ببذر نفسه ، وزرع نصف الأرض بنفسه لنفسه وكل واحد منهما صحيح ، ولا يظهر فساد بالجمع بينهما ، ولو اشترط لرب الأرض ثلثي الخارج كان هذا فاسدا ; لأنه دفع إليه نصف الأرض مزارعة بثلث ما يخرج ولكن شرط عمل رب الأرض معه ، وهذا شرط يعدم التخلية بين المستأجر وبين ما استأجر فيفسد به العقد ، والخارج بينهما على قدر بذرهما ولا أجر لواحد منهما على صاحبه ; لأنه عمل فيما هو شريك فيه ولصاحب الأرض على الآخر أجر مثل نصف الأرض ; لأنه استوفى منفعة نصف الأرض بعقد فاسد ويطيب [ ص: 32 ] لصاحب الأرض نصيبه ، ويتصدق العامل بما زاد على البذر والنفقة والأجر الذي غرمه ; لأنه رباه في أرض غيره بسبب فاسد ، ولو اشترطا الثلثين للعامل كان فاسدا أيضا ; لأن الدافع دفع إليه نصف الأرض مزارعة بثلث الخارج ، وشرط عمل نفسه معه ثم جعل له منفعة نصف الأرض بإزاء عمله مع ما شرط له من ثلث الخارج فلهذا كان فاسدا ، والخارج بينهما نصفان ولا أجر لصاحب الأرض على العامل هنا ; لأنه ما ابتغى على منافع أرضه عوضا حين لم يشترط لنفسه فضلا بخلاف الأول فإن هناك شرط الفضل لنفسه فعرفنا أنه ابتغى على منافع الأرض عوضا ، ولم ينل فكان له أجر مثل نصف الأرض على صاحبه ، ثم يطيب لكل واحد منهما نصيبه من الزرع ; لأن العامل لما لم يجب عليه الأجر عرفنا أن نصف الأرض كان في يده بطريق العارية ، ولا فساد في ذلك فيطيب له الخارج

التالي السابق


الخدمات العلمية