الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6135 ص: حدثنا فهد ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : أنا محمد بن مسلم الطائفي ، قال : حدثني إبراهيم بن ميسرة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : "شهد على المغيرة أربعة ، فنكل زياد بن أبي سفيان ، ، فجلد عمر - رضي الله عنه - الثلاثة واستتابهم ، فتاب اثنان ، وأبى

                                                [ ص: 484 ] أبو بكرة أن يتوب ، فكان يقبل شهادتهما حين تابا ، وكان أبو بكرة لا تقبل شهادته لأنه أبى أن يتوب ، وكان مثل النضو من العبادة " .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح .

                                                وابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم شيخ البخاري .

                                                وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه " : ثنا أبو أسامة ، عن عوف ، عن قسامة بن زهير قال : "لما كان من شأن أبي بكرة والمغيرة بن شعبة الذي كان قال أبو بكرة تنح عن صلاتنا فإنا لا نصلي خلفك . قال : فكتب إلى عمر - رضي الله عنه - في شأنه . قال : فكتب على المغيرة : أما بعد ، فإنه قد رقى إلي من حديثك حديثا فإن يكن مصدوقا عليك فلأن تكون مت قبل اليوم خير لك قال : فكتب إليه وإلى الشهود أن يقبلوا إليه . فلما انتهوا إليه دعا الشهود فشهد أبو بكرة وشبل وأبو عبد الله بن نافع ، فقال عمر حين شهد هؤلاء الثلاثة : أودى المغيرة أربعة . وشق على عمر شأنه جدا ، فلما قام زياد قال : إن تشهد إن شاء الله إلا بحق ثم شهد ، فقال : أما الزنا فلا أشهد به ، ولكني قد رأيت أمرا قبيحا . قال عمر : الله أكبر ، حدوهم . فجلدوهم ، فلما فرغ من جلد أبي بكرة قام فقال : أشهد أنه زان . فذهب عمر - رضي الله عنه - يعيد عليه الحد ، فقال علي - رضي الله عنه - : إن جلدته فارجم صاحبك . فتركه فلم يجلد قذف مرتين بعد " .

                                                قوله : "مثل النضو " بكسر النون وسكون الضاد المعجمة البعير المهزول ، والناقة نضوة وقد أنضتها الأسفار فهي منضاة .

                                                واستفيد من هذا أربعة :

                                                الأول : ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية .

                                                الثاني : أن حد الزنا لا يثبت إلا بأربعة شهداء .

                                                [ ص: 485 ] [الثالث : أنهم إذا] فإن نقصوا عن الأربعة يحدون حد القذف .

                                                الرابع : أن الزاني إذا حد وتاب [عن ذلك تقبل توبته .

                                                الخامس : أن مبنى الحد على] الستر ، ألا ترى أن عمر - رضي الله عنه - كيف صعب عليه أمر المغيرة لما شهد الثلاثة المذكورون ولم يفصح الرابع وأسقط الحد وفرح على ذلك .




                                                الخدمات العلمية