الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          469 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر فأوتروا قبل طلوع الفجر قال أبو عيسى وسليمان بن موسى قد تفرد به على هذا اللفظ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا وتر بعد صلاة الصبح وهو قول غير واحد من أهل العلم وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحق لا يرون الوتر بعد صلاة الصبح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا وتر بعد صلاة الصبح ) أخرجه محمد بن نصر في قيام الليل من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ : نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا وتر بعد الفجر ، وفي سنده أبو هارون العبدي ، قال الدارقطني : يتلون خارجي وشيعي وضعفه شعبة وكذبه الجوزجاني . قال محمد بن نصر بعد رواية حديث ابن عمر وحديث أبي سعيد الخدري المذكورين [ ص: 468 ] في الباب ما لفظه : فالذي عليه جمهور أهل العلم أن لا يؤخر الوتر إلى طلوع الفجر اتباعا للآثار التي رويناها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوتر قبل الصبح ، وكان وتره صلى الله عليه وسلم عامته كذلك في آخر الليل قبل طلوع الفجر ، ثم اختلف الناس فيمن نام عن الوتر أو سها عنه أو فرط فيه فلم يوتر حتى طلع الفجر فرأى بعضهم أن الفجر إذا طلع فقد ذهب وقت الوتر ، ولا يقضى بعد ذلك ؛ لأنه ليس بفرض وإنما يصلى في وقته فإذا ذهب وقته لم يقض على ما روينا عن عطاء وغيره . واحتج بعضهم بحديث يروى عن أبي سعيد الخدري ، ثم ذكره بإسناده وقد ذكر لفظه آنفا ، ثم قال : وهذا حديث لو ثبت لكان حجة لا يجوز مخالفته ، غير أن أصحاب الحديث لا يحتجون برواية هارون العبدي . قال : والذي ذهب إليه جماعة من أصحابنا أن من طلع عليه الفجر ولم يوتر فإنه يوتر ما لم يصل الغداة اتباعا للأخبار التي رويت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم أوتروا بعد الصبح . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أنه أوتر بعدما أصبح فإذا صلى الغداة فإن جماعة من أصحابنا قالوا : لا يقضى الوتر بعد ذلك ، وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين أيضا . وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم من أصحابنا ، ثم ذكر محمد بن نصر الأخبار التي جاءت في الوتر بعد طلوع الفجر بعضها مرفوعة وأكثرها آثار الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، ثم قال : والذي أقول به أنه يصلي الوتر ما لم يصل الغداة فإذا صلى الغداة فليس عليه أن يقضيه بعد ذلك ، وإن قضاه على ما يقضي التطوع فحسن ، قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين قبل الفجر بعد طلوع الشمس في الليلة التي نام فيها عن صلاة الغداة حتى طلعت الشمس ، وكذا الركعتين اللتين كان يصليهما بعد الظهر بعد العصر في اليوم الذي شغل فيه عنها ، وقد كانوا يقضون صلاة الليل إذا فاتتهم بالليل نهارا ، فلذلك حسن وليس بواجب ، انتهى كلام محمد بن نصر .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول غير واحد من أهل العلم ، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق لا يرون الوتر بعد صلاة الصبح ) قال في شرح السنة : قيل لا وتر بعد صلاة الصبح وهو قول عطاء وبه قال مالك وأحمد . وذهب آخرون إلى أنه يقضيه متى كان ، وهو قول سفيان الثوري وأظهر قولي الشافعي لما روي أنه قال : من نام عن وتر فليصل إذا أصبح ذكره الطيبي . ومذهب أبي حنيفة أنه يجب قضاء الوتر حتى لو كان المصلي صاحب ترتيب وصلى الصبح قبل الوتر ذاكرا لم يصح .




                                                                                                          الخدمات العلمية